تصاعدت مؤخرا وتيرة الحديث عن مكافحة الفساد بدوافع مختلفة ما بين الرغبات المخلصة والسعي نحو البروز الإعلامي مرورا بقائمة طويلة تخفي نوايا يتجنب الكثيرون الحديث عنها بل ويجتهدون في إخفائها·
ومع إشهار الجمعية الكويتية للدفاع عن المال العام ووقوف جمعية الشفافية الكويتية والجمعية الكويتية لمكافحة الفساد في طابور انتظار الإشهار أمام وزارة الشؤون ومن ثم مجلس الوزراء، وربما اعتزام جمعيات أخرى بالمنحى نفسه التقدم للإشهار، في وجود هذا الزخم ومع نية جمعيات قائمة الخوض في هذا العمل مثل جمعية الاقتصاديين، وما يشير إليه ذلك من إيجابيات تعني في مجملها اتساع الاهتمام بقضايا مكافحة الفساد واستشعار خطورة استشرائه وإدراك ضرورات مكافحته، ورغم ما سيعكسه هذا التنوع على استراتيجيات العمل وبرامج المكافحة فإن الشيطان يكمن في التفاصيل كما يقال دائما· إذ بقدر منافع هذا التدافع فإن مساوئه المتوقعة تبدو في احتمالات الازدواجية والتضارب وبعثرة الجهود ودخول المناوئين لهذه التوجهات من المتضررين الذين يتعيشون على الفساد وتطيب لهم أجواؤه على الخط·
وتقتضي مثل هذه الاحتمالات التي تلوح في الأفق أن تتداعى جميع مؤسسات المجتمع المدني المهتمة بمكافحة الفساد وإعلاء الشفافية وتحريك المساءلة الى وضع استراتيجيات وبرامج تراعي تنسيق الجهود، كأن تختص جمعية الشفافية بقضية حرية الوصول للمعلومات بينما تختص جمعية الدفاع عن المال العام بقضايا الفساد المالي وتختص جمعية مكافحة الفساد بقضايا الفساد الإداري وهكذا· وعلى صعيد آخر فإن عليها التنسيق في التعاطي الإقليمي والدولي كل فيما يخصه على أن تعقد اجتماعات دورية لمراجعة ما اتفق عليه ومعالجة الثغرات وبحث المستجدات·
إن مكافحة الفساد معركة شرسة ومستمرة وهي أبعد ما تكون عن الحاجة الى أن يواجه القائمون عليها المعوقات من داخل قلاعهم بقدر حاجتهم للتعاون والتنسيق·
a2monem@hotmail.com |