رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 8 جمادي الأول 1426 هـ - 15 يونيو 2005
العدد 1682

نظرة على انتخابات المجلس البلدي في الكويت
د. محمد حسين اليوسفي
alyusefi@taleea.com

تظل الانتخابات حدثا مهما في منطقتنا الخليجية ذلك أنها تعبير عن الإرادة العامة للمواطنين بغض النظر عن مدى مشاركة القوى السياسية الفاعلة في الساحة وبغض النظر عما أخذ يشوب تلك العملية من ممارسات خاطئة تقلل من مصداقيتها· وكانت الكويت على موعد مع أحد تلك الانتخابات وهي انتخابات المجلس البلدي التي تأتي كل أربعة أعوام· ولا نكون مبالغين إن قلنا إن الكويتيين أصبحوا "مدمني انتخابات"، فمؤسسات المجتمع المدني كلها تمارس عملية الانتخاب بدءا من الجمعيات والنقابات المهنية مرورا بالأندية الرياضة فالجمعيات التعاونية واتحاد الطلبة وغرفة التجارة الى انتخابات المجالس النيابية كالبلدي والأمة·

غير أن هذا الزخم الانتخابي يكاد يكون "جعجعة وليس طحنا" إذ إنه لم يؤد في واقع الحال الى تطوير الممارسة الديمقراطية بحيث تأتي حصيلتها تطويرا للمجتمع ومشاركة فاعلة في القرار ومراقبة للقائمين على تنفيذ القوانين· بل اختزلت تلك الممارسة لتعبر عن تطلعات شخصية أو تحقيق غايات مصلحية فردية تتم عن طريق "الواسطة" عبر الالتفاف على القوانين أو في كثير من الأحيان كسرها!! غابت البرامج الإصلاحية العامة التي تتجمع عليها عناصر المجتمع المختلفة بفئاته الاجتماعية المتباينة، ومع غيابها انكفأ الفرد الى ولاءاته التقليدية فبرزت بشدة القبلية والطائفية والعائلية وربما المناطقية كمحاور للاستقطاب·

ولعل ما قيل ينطبق على المجلس البلدي الذي جرت انتخاباته مؤخرا: فالمشاركة فيه كانت فاترة، إذ إن نسبة المقترعين بالكاد تجاوزت نصف من يحق له التصويت (نحو %52)· ومن الفائزين العشرة من بين 54 مرشحا كان ستة منهم من القبليين وأربعة من الحضر، بينهم شيعي واحد (تيار إسلامي) ومرشح واحد مدعوم من الإخوان· أما كثافة الإقبال على الانتخاب في بعض الدوائر فقد عكست التنافس الطائفي والقبلي كما جرى في الدائرة الأولى التي فاز بها أحد مرشحي الشيعة إذ كانت نسبة الاقتراع الأعلى وهي %66، والدائرة الثامنة حيث التنافس القبلي وكان نسبة الاقتراع بها %63· أما الدوائر الثانية والثالثة والرابعة، وهي الدوائر الحضرية، فإن نسبة الاقتراع كانت ما دون النصف· ولا تظهر خلفيات المرشحين العلمية صلة بأعمال المجلس البلدي سوى أحدهم وهو حاصل على الشهادة الجامعية في الهندسة!!

وكان يمكن أن يكون لهذه الانتخابات لون وطعم آخران لو أن المرأة شاركت بها ولم يرجأ ذلك للعام 2009· وكان يمكن أن يكون لقرار مجلس الأمة التاريخي الذي اتخذه في السادس عشر من الشهر الفائت والقاضي بمنح المرأة الكويتية كامل حقوقها السياسية في الانتخاب والترشيح للمجالس النيابية وقع أكبر لو أنه أرفق بتأجيل الانتخابات البلدية أشهرا معدودات كي يتم تسجيل النساء في السجل الانتخابي· بيد أن الكويت قد فقدت روح المبادرة والريادة، تلك الروح التي كانت تتمتع بها في ستينيات القرن الماضي!!

ومع ذلك لا يخلو المشهد من ومضات إيجابية، ذلك أن المرأة الكويتية التي لم تدخل من باب المجلس البلدي عبر الانتخابات دخلت من شباكه عن طريق التعيين· فأعضاء المجلس البلدي - كما هو معروف - ليس كلهم منتخبين، وإنما المنتخبون منهم عشرة فقط فضلا عن ستة تعينهم الحكومة· وقد اختارت الحكومة مهندستين (فاطمة ناصر الصباح وفوزية البحر) لتكونا ضمن الستة المعينين إيذانا بدخول المرأة الكويتية للمرة الأولى هذا المجلس· ويبدو أن هذه الخطوة هي "بروفة" لانتخابات مجلس الأمة في العام 2007 وإن كان أعضاء مجلس الأمة كلهم من المنتخبين فيما عدا الوزراء الذين تعينهم الحكومة ويعتبرون أعضاء أيضا في مجلس الأمة ولهم حق التصويت· بمعنى آخر، لو لم تفز الكويتية في الانتخابات المقبلة، فإنها ستكون ممثلة في مجلس الأمة بصفة وزير·

والملفت للنظر أن الجمهور الكويتي بقواه السياسية لا يعطي لانتخابات المجلس البلدي حقه في التنافس والمشاركة وطرح البرامج· ولذلك تأتي نسبة المشاركة متدنية كثيرا عن نسبة المشاركة في انتخابات مجلس الأمة· إذ لم تصل نسبة المقترعين في ثمانية انتخابات (1972-2005) نصف عدد المسجلين في السجلات الانتخابية!! هذا رغم أهمية المجلس البلدي ودوره المحوري في حياة المجتمع وبالذات في تخطيطه العمراني! وهذا الموقف - أقصد موقف القوى السياسية غير الفاعل - إن دل على شيء فإنما يدل على "قلة وعي" وعدم إدراك كاف لأعمال هذا المجلس الحيوي!! ومن المعروف أن الانتخابات البلدية في الديمقراطيات العريقة تحظى باهتمام أكبر وبمشاركة جماهيرية أوسع مقارنة بالانتخابات البرلمانية·

إن بصمات المجلس البلدي واضحة على معالم الكويت، فتاريخه يمتد الى ثلاثة أرباع القرن· فقد أنشئت بلدية الكويت في العام 1930 حيث اقتبست الفكرة من البحرين التي شهدت ولادة أول بلدية لديها في العام 1919· وفي العام 1932 صدر أول قانون لبلدية الكويت نصت مادته الأولى على أن يتولى إدارة البلدية مجلس مكون من 12 عضوا منتخبين من الأهالي فضلا عن رئيس يكون من الأسرة الحاكمة، ومدة هذا المجلس سنتان· وظلت هذه الانتخابات تجرى كل سنتين الى استقلال الكويت ووضع الدستور في العام 1962· وكانت المجالس في تلك الفترة تتشكل من تجار الكويت من الأسر العريقة· أما منذ فترة الستينات، فقد دخلت قوى اجتماعية جديدة لتشكل المجالس البلدية فضلا عن مجلس الأمة لعل أبرزها الشيعة والقبائل وأبناء الطبقة المتوسطة الجديدة·

ولعل الرجوع الى أول إعلان لبلدية الكويت والصادر في 17 ذي الحجة 1348 هـ (16 أبريل 1930) أي بعد ثلاثة أيام فقط من إنشائها يجعلنا نتلمس دوره الحضاري في تطوير مجتمع كان يعيش على الكفاف وفي ظروف اقتصادية صعبة· إذ يحذر الإعلان المخالفين بعقوبات في حال رمي "الزبل والقمام" بل توضع في الأبياب (جمع بيب وتعني الحاوية)· ولا يجوز دفق مياه أوساخ البيوت في الطرق ولا يتغوط فيها··· وجملة من الأمور التنظيمية ارتقاء بالحالة البدائية التي كان يحياها الناس· وقد تكون أكثر تلك الأوامر طرافة وحضارة الأمر الثامن المتعلق بحمولة الحيوانات، فتلك "التي تقيل الحمل لا تكلف فوق طاقتها، فالحصان والحمار القويان لا يحملان أكثر من كيسين سكر وكيسين عيش (رز) وثلاثة أمنان (جمع مَن) تمر، والضعيف على قدر طاقته"!!

لن تستعيد الكويت بريق الستينات إلا بمجلس بلدي فاعل يكون حصيلة لمشاركة حقيقية لجميع القوى السياسية·

alyusefi@taleea.com

�����
   

"إنّ في البُعدِ حُضورْ.." * ..أبا بدر:
زايد الزيـد
تحرك الشارع الكويتي:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
تصريح باتجاه العارضة!!:
سعاد المعجل
مجلس الأمة ..الحصن الحصين:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
الضيف الإسرائيلي:
فيصل أبالخيل
السياحة العلاجية:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
الحلم العربي!:
عامر ذياب التميمي
نظرة على انتخابات المجلس البلدي في الكويت:
د. محمد حسين اليوسفي
صراحة.. أشياء تقهر!!:
عبدالخالق ملا جمعة
دعوة للتخلي عن الصهيونية:
عبدالله عيسى الموسوي
علمُ العراق أم علمُ صدام؟..
حسناً فعل الأكراد:
محمد حسن الموسويü
"يا شيخ صباح روح معاهم أوزبكستان":
على محمود خاجه
طالق - طلاق - مطلق:
ناصر الخالدي
تطورات الوضع في العراق:
عبدالله العبدالعالي
مكافحة الفساد بين التضاد والتنسيق:
عبدالحميد علي
الكوتا بين الكويت وأمريكا:
فيصل عبدالله عبدالنبي