على الأغلب أنها لم تكن مقصودة عندما فاجأتنا الصحيفة اليومية الشهيرة بخبرين على صفحتين متقابلتين، في الخبر الأول أو بالأحرى التحقيق تحدث الأستاذ الأكاديمي بمرارة بعد أن عرّف نفسه بأنه "حاصل على شهادات عليا من جامعات محترمة ومتخرج بتقدير امتياز وعندي أبحاث كثيرة وأربع كتب "مجلدات" من تأليفي، وأعمل بكل جهد واجتهاد في التدريس لأنني أعشق هذه المهنة"، تحدث الرجل عن التجاوزات التي يواجهها أثناء عمله في الصرح الأكاديمي تبدأ عند إعداد الجدول الدراسي ودون أن تقف عند منح بعض الطلبة درجات لا يستحقونها ومنعها عن البعض الآخر ممن يستحقونها نكاية بهذا الأستاذ·
في الخبر الثاني وعلى الصفحة المقابلة كان رئيس فريق حكومي يشتكي مر الشكوى إلى مدير المؤسسة قائلا "إن الفريق يقوم بالأعمال الموكلة إليه حسب توجيهاتكم، إلا أن عملية تخريب أجهزة البصمة أصبحت مشكلة كبيرة تواجه الفريق، وتؤدي إلى تعطيل أعماله وتشتت جهوده" وراح يعدد الهدر المترتب على هذا المسلك الشائن لموظفين حكوميين لا يرغبون في مجرد الالتزام بالتواجد في ساعات العمل ومن أوجه الهدر التي عدّدها المبالغ التي تدفع لتصليح تلك الأجهزة وضياع البيانات المحفوظة عليها والوقت الذي تستغرقه الشركة المتعاقد معها لإيجاد القطع التالفة وتصليحها في حال إمكان إصلاحها ولم يشر الرجل إلى الهدر الأكثر سوءا الذي يطال أداء هؤلاء الموظفين، وبيّن ما هو أكثر دلالة عندما نوه إلى أنه قد أعد التقارير اللازمة بشأن هذا الوضع وأحالها إلى الجهات المختصة إلا أنه لم يتخذ أي إجراء مما اضطره في النهاية إلى مخاطبة مدير عام المؤسسة الذي هدد بدوره معلنا في الخبر نفسه إحالة "كل من يحاول تخريب الممتلكات العامة أو يتطاول على المال العام إلى النيابة العامة"·
نشر ذلك في نهاية الثلث الأول من إبريل الجاري إلا أن أي تعليق لم يصدر عن الجهة الأكاديمية التي ينال من سمعتها و"كأن شيئا لم يكن"· إن ما يشير إليه الخبران المذكوران إنما يستدعي النظر فيما يمكن أن يقذف به التهاون في أداء المنظومة التربوية والتعليمية من مخرجات ينعكس مستواها في نهاية الأمر على أداء أجهزة الدولة، من تسيب مقيت لا يرعى في حقوق المواطنة لومة لائم ولا تستثيره حمية أو ولاء، لا سيما إذا ما أخذنا في عين الاعتبار أن تعمّد التغيب عن الدوام بات ظاهرة مقلقة تناولتها خلال الفترة الأخيرة العديد من الدراسات الحكومية وأدت برئيس الحكومة إلى أن يعلن في نهاية المطاف بأن أكثر من سبعين في المئة من موظفي الدولة لا يلتزمون بالدوام، إنها محطة للتأمل·
a2monem@hotmail.com |