أمام حشد كبير من الناس من داخل وخارج البلاد تحدث النائب البرلماني عن وقائع فساد معينة ليدلل على السرد النظري الذي قدمه، وما إن انتهى حتى قام أحد الحضور وبعصبية ليطالبه بأن يكون أكثر جرأة بأن يعلن أسماء المتنفذين المستفيدين من ملفات الفساد التي عرض لها، وفي أريحية شديدة، أو هكذا شاء أن تبدو الأمور، أعلن المحاضر الأسماء دون تردد·
وفي أدبيات منظمة الشفافية الدولية يمنع ذكر أسماء الأشخاص عند الحديث عن قضايا الفساد ما لم تكن هناك دواع موضوعية تستدعي مثل هذا التصريح، إذ من شأن إشاعة مثل هذا المسلك أن يأخذ بملفات الفساد في منحى لا يحقق إيصالها الى النهاية المستهدفة بما يخلقه من أجواء ملبدة بالمهاترات وتبادل الاتهامات ومحاكمة للنيات، وما لم يكن موجه الاتهام محتميا بحصانة ما فربما يقع تحت طائلة القانون ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه إثارة قضايا الفساد·
وفي مجتمع صغير كالكويت تطال مثل هذه الاتهامات أسرة المتهم ومحيطه الاجتماعي فتضعه في مأزق ربما يخرج منه بريئا فيما بعد إلا أن نظرات الشك وقبضة الإدانة المجتمعية سوف تظل هاجسا دائما لمن يجد نفسه في هذا الموقف ربما بالخطأ أو بالقصد عندما تكون هناك ضرورة لكبش فداء أو لتلقين الجميع درسا يكون له ما بعده·
ويتطلب الأمر أن يضع العاملون في ميدان مكافحة الفساد وهي معركة متواصلة لا تنتهي لائحة سلوكيات مرجعية يتفق عليها وتكون منطلقا لكل من يرغب في التعامل مع هذه القضايا حتى لا يعطي المبرر للفاسدين في محاصرة هذه المجهودات تحت ادعاءات مثل إثارة الفتنة، وحتى لا تستخدم في تصفية الحسابات والخروج بها عن الأهداف النبيلة التي تستهدفها·
a2monem@hotmail.com |