| الضجة التي أثارها البعض حول تصريحات السفير الأمريكي "ريتشارد لوبارون" في كلية مبارك للقادة العسكريين·· تحمل أكثر من تفسير!! خاصة عندما تصدر عن مسؤول بحجم رئيس مجلس الأمة!!
وبالمناسبة فقد كان للسفير الأمريكي وفي الأسبوع نفسه تصريحان·· أحدهما فقط هو الذي أثار الاستياء!! وهو التصريح الذي أطلقه في كلمته التي ألقاها في كلية مبارك العبدالله·· والتي دعا فيها دول الخليج·· ومنها الكويت·· إلى موقف حازم من خطر البرنامج النووي الإيراني!! والذي اعتبره رئيس مجلس الأمة تدخلا في خصوصيات الكويت ونقلاً لمعارك أمريكا مع دول أخرى إلى داخل الكويت!!
أما التصريح الثاني فقد كان في دعوة السفير الأمريكي الى بذل خطوات إصلاحية اقتصادية واجتماعية تمكنها من ملاقاة المعايير المطلوبة لتوقيع اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة!! وهو التصريح الذي لاقى استحسانا من المسؤولين!!
وبصرف النظر عن اختلافنا أو اتفاقنا مع أمريكا·· فإننا لا يمكن أن نعتبر تصريحاً كهذا تدخلا في الشأن الداخلي، فهو أولا يعبر عن وجهة النظر الأمريكية تجاه التسلح النووي في منطقتي الشرق الأوسط والأدنى بشكل عام!! أما ثانيا فهو أن الحديث عن التدخل الأمريكي في الشأن الكويتي، الآن وفي ظل الظروف الراهنة·· يعتبر حديثا مبالغاً فيه·· خاصة أن أمريكا متغلغلة حتى النخاع ليس في الشأن الكويتي وحسب·· وإنما في شؤون المنطقة وسياساتها بأكملها·
قد يكون رئيس مجلس الأمة قد عبر عن وجهة نظره الشخصية التي رأت في تعليق الرئىس الأمريكي على الخطر النووي في الخليج العربي تدخلا مباشراً في الشأن الكويتي·· ومناورة سياسية بين أمريكا وإيران فوق الأراضي الكويتية!! وهو في هذه الحال يملك كل الحق في ذلك!! لكنه تحدث بصفته وليس بشخصه مما أعطى للحديث بُعداً آخر ترجمه البعض على أنه تلميح من الحكومة الكويتية!! ولو افترضنا أن ذلك صحيح·· أي أن رئىس مجلس الأمة قد عبّر ولو بصورة غير مباشرة عن رأي الحكومة الكويتية تجاه تعليق السفير الأمريكي·· فإننا في هذه الحالة نكون قد أخللنا على اعتبار أن رئيس مجلس الأمة ينتمي الى السلطة التشريعية·· وبذلك فإنه لا يشكل الجهة الصحيحة والمخولة بمثل هذه التصريحات·· والتي عادة ما تكون من مهام وزير الخارجية·· المنتمي إلى السلطة التنفيذية!!
لقد تداخلت الشؤون الدولية بفعل عولمة الاتصالات والمواصلات·· وبصورة جعلت من الصعب الفصل وبصورة دقيقة بين ما هو شأن داخلي·· أو شأن عام·· فالإرهاب على سبيل المثال وكما تعكس صورته·· لا يمكن أن يكون شأنا داخليا لدولة دون أخرى·· وخير دليل على ذلك·· خلايا "بن لادن" المزروعة في ما يقارب المئتي عاصمة وبقعة في العالم!! كما أن التسلح النووي·· الذي جاء ذكره في (التصريح القضية) هو قطعاً شأن عام وعالمي·· يتعين على الكويت·· وعلى أي دولة محبة للسلام·· وعانت من هواجس المفاعلات النووية، أن تقول كلمتها بشأنه!!
خلاصة القول إذاً·· إن تصريح رئيس مجلس الأمة·· لم يثر مسألة السيادة الكويتية·· بقدر ما أثار هواجس كامنة لدى المواطن الكويتي·· حول معنى وهدف بعض التصريحات المصوبة باتجاه العارضة·· وليس في قلب الهدف!!
suad.m@taleea.com |
