رقم ملفت بل لعله استفزازي ذلك الذي أعلنه الوزير المختص في افتتاح مؤتمر للتميز الإداري وهو بصدد الحديث عن مشروع استبدال الأجهزة القديمة أو منتهية الصلاحية في وزارته بكلفة تصل الى ستين مليون دينار·
إن أول ما يشير إليه هذا العدد الضخم من الأجهزة (5495) التي خرجت من الخدمة ذلك الخلل المحتمل في نظم إدارة الأصول سواء كانت آلية أو يدوية، إذ من المعتاد أن تقدم مثل هذه الأنظمة تحذيرات مسبقة الى قرب انتهاء صلاحية الجهاز بما يعني أن إجراء ما يجب أن يتخذ من قبل القائمين عليها مثل تجديدها أو إحلال أخرى محلها وإدراج المخصصات المالية اللازمة لذلك في مشروع ميزانية الوزارة بما لا يرهقها بمبالغ كبيرة في سنة مالية واحدة·
أما القائمون على إدارة مثل هذه الأنظمة إن وجدت فهي مشكلة أخرى، إذ من الممكن أن تصمم أنظمة متقدمة جدا بهذا الخصوص ثم لا تجد من يديرها بالكفاءة المطلوبة ويستفيد من مخرجاتها بالكيفية المناسبة وفي التوقيت المناسب·
بل إن المشكلة تمتد الى أجهزة الرقابة الداخلية في الوزارة ثم أجهزة الرقابة الخارجية داخل الحكومة أو خارجها إذ كان من الواجب عليها أن تكتشف مثالب تلك الأنظمة أو تقاعس القائمين عليها، وتنبه في تقاريرها الى ذلك· بل كان من الواجب ألا تكتفي بمجرد التنبيه إذا كانت قد فعلت بل إن تفعل إلحاحها على التحرك والمساءلة الى أن تتم المعالجة دون انتظار تفاقم مثل هذه المشكلة·
وعلى صعيد البرلمان من موقع مسؤوليته في الرقابة على كفاية وفاعلية استخدام المال العام فإن الواجب يقتضي أن يستخدم أدواته المتاحة في تحريك المساءلة عن أسباب تفاقم هذا الوضع بما وصل في مداه الى تخصيص هذه الاعتمادات المالية الضخمة التي كان من الممكن توظيفها فيما هو أجدى من ذلك·
وفي النهاية فإن التداعيات الجمة التي يثيرها هذا الرقم يجب ألا تمضي على ذلك النحو الغريب من التجاهل·
a2monem@hotmail.com |