في الولايات المتحدة الأمريكية تفرض الحكومة على الشركات "كوتا" من السود كحد أدنى يجب أن يكونوا موظفين لكي لا يأتي أبيض متطرف ويمنع السود من الوظيفة في شركته بأي حجة كانت، وهذه الطريقة فعالة عندما تجد العقلية البيضاء في أمريكا في زمن معين تمسك بزمام الأمور في كل شيء ولا تسمح لغيرها، والآن تجد السود في أمريكا دخلوا في كل المجالات التي كانت حكرا على البيض، فتجدهم في الجيش بأعلى المراتب وفي الخارجية وكل أجهزة الدولة، وأصبح معيار الكفاءة والوطنية مقدما على اللون والعرق والدين وهذا دليل على تطور العقلية الأمريكية ورقيها وتجاوزها لمشاكل الماضي التي تميز بين المواطنين حسب اللون والعرق·
الآن في الكويت الأمر يختلف تماما عن مسألة التمييز العرقي والعنصري الذي كان في أمريكا، المشكلة في الكويت هي مشكلة مذهبين موجودين في الكويت منذ أن تأسست، مذهب يشكل الأغلبية ومذهب يشكل الأقلية، والنخبة التي كتبت الدستور الكويتي وضعت قوانين ومبادىء في إعطاء المناصب والتعيينات حسب معيار الكفاءة وتكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين وبهذا حاولت القضاء على أي تمييز مذهبي أو ديني أوعرقي أو مناطقي، وأصبحت الوطنية والمواطنة هي بؤرة صهر لكل الاختلافات لتوحيد الكويتيين كلهم ولتسود الوحدة الوطنية والمحبة والإخاء بين المواطنين ولكي لا يشعر أحد بالتمييز أو هضم حقوقه من الطرف الآخر، واليوم نرى مشكلة الشعور بالتمييز والتهميش تتجدد مرة أخرى وتظهر بصورة مختلفة، فهناك من يرى أن مسألة الكوتا بالحكومة يجب إلغاؤها ويجب أن يتم الاختيار على أساس الكفاءة حتى لو كانت الحكومة ذات أغلبية شيعية مادام عنصر الكفاءة موجودا فلا بأس، وهناك من يرى ضرورة الكوتا كضمان نسبة محددة للشيعة كحد أدنى مثلا %20 في المناصب القيادية في مؤسسات الدولة وترتفع حسب عدد الكفاءات في الحكومة والمناصب القيادية والسبب هو أن البعض يقول إن التعيين حسب الكفاءات وليس الكوتا ولكن لا تجد هذه القاعدة مطبقة وكأنه لا توجد كفاءات! ولذلك يرى البعض أن الحل هو العمل بالكوتا حتى تتثبت عمليا مسألة التعيينات بالمراكز القيادية حسب الكفاءات الوطنية ومن ثم يتم إلغاء "الكوتا" فلا حاجة لها إذا طبق معيار الكفاءة لأن ما نراه اليوم من تعيينات في المراكز العليا هو حكر على نخبة بذاتها، وكثير من الكفاءات يتذمرون من عدم اختيارهم لمناصب هم أولى بها من غيرهم ومن هذا ما تشهد لهم به شهاداتهم وإنجازاتهم وتاريخهم المهني·
لقد كرر الوطنيون بالكويت والذين يريدون الخير للبلد أن الحل الوحيد للقضاء على كل هذه المشاكل ومشاعر التمييز والتهميش لدى البعض، هو تفعيل مواد الدستور التي تعطي كل ذي حق حقه، وإذا فُعَّلت مواد الدستور فلا حاجة لنا بالكوتا ولا بغيرها لأن الجميع سوف يشعر بالمساواة والعدالة في كل شيء وليس فقط في التعيينات للمراكز القيادية بمؤسسات الدولة، يا نواب مجلس الأمة متى ستفعلون مواد الدستور لكي يرتاح الجميع ولا تظهر مشاكل من الماضي بصور مختلفة·
machaki@taleea.com |