متبنية قضية عمال النظافة التي تقاعس المتعهد عن صرف رواتبهم عمدت ناظرة المدرسة الى الاتصال بالجهة الحكومية التي تتلقى الشكاوى في هذا الشأن ليفاجأ مفتشوها بأن إقامة هؤلاء العمال هي "خدم منازل" مما يشير الى مخالفة صارخة لقوانين العمل وللعقد الذي أبرمته الوزارة مع ذلك المتعهد· وتساءل المصدر طبقا للصحيفة التي نشرت الخبر "كيف لا تنتبه الوزارة المعنية لهذه الحادثة الخطيرة التي ترتكب من قبل صاحب الشركة المتعاقدة في حق هؤلاء العمال؟"·
ومن جملة التداعيات التي تثيرها هذه القضية وشبيهاتها مما نال مؤخرا من سمعة البلاد والعباد مسألة تتعلق بأداء الأجهزة الحكومية فيما يخص متابعة العقود التي يتم إبرامها مع القطاع الخاص بكل تنويعاته إذ بات الأمر يتطلب من ديوان المحاسبة والجهاز المختص في وزارة المالية تقييم نظم متابعة العقود في الأجهزة الحكومية والتي تطال جميع البنود الإدارية والفنية في تنفيذها، بدءا من تقديم الكفالة المصرفية لضمان التنفيذ وسلامة هذا التنفيذ وانتهاء بجودة التنفيذ الفعلي طبقا للمواصفات المتفق عليها وتسديد المستحقات دون مماطلة قد تخفي نوايا الابتزاز إذ إن تنفيذ العقد قد يخضع لاحتمالات الفساد من كلا الطرفين الشركة المنفذة والقائمين عليه من الجهة الحكومية المنفذ لحسابها وأيضا أية جهات إشرافية أخرى قد تستعين بها الجهة المستفيدة·
وقد تناول تقرير الفساد الذي نشر مؤخرا عن منظمة الشفافية الدولية بعض المعالجات المقترحة لهذا الموضوع مما عرضنا له في مقالة سابقة، مثل التسهيل على الشركات المتنافسة وحتى الجمهور إن أمكن للحصول على معلومات عن جميع مراحل العقد، والتأكد من أن أوامر التغيير التي قد تؤثر في السعر أو الوصف المتفق عليه في العقد قد تمت بعلم وإشراف أعلى المستويات، والتأكد من أن الرقابتين الخارجية والداخلية وشركات التدقيق كلها مستقلة ونزيهة وفاعلة وأن تقاريرهم في متناول العامة، وأن حدوث أي تأخير غير مبرر في تنفيذ المشروع يتطلب إجراء مراقبة إضافية، وطلب مشاركة منظمات المجتمع المدني لكي تلعب دور المراقب المحايد على طرفي العقد·
وعلى مؤسسات المجتمع المدني لدينا أن تلتقط مثل هذه التوصيات التي تقدمها المنظمات الدولية لتجد لها منفذا في تمثيلها المؤثر والفعال لدى الأجهزة الحكومية فضلا عن اللجان البرلمانية التي يجب أن يكون أعضاؤها النواب أحرص على تمثيل مثل هذه المؤسسات التي غالبا ما يتوافر لها من الحيدة والموضوعية ما يمكنها من ممارسة مهام قد لا يتاح لجهة أخرى إنجازها بالكفاءة نفسها، إنها دعوة لانطلاق هذه المؤسسات، ونخص منها جمعية الشفافية الكويتية التي يمسها هذا الموضوع تحديدا ربما أكثر من غيرها·
a2monem@hotmail.com |