لاحظ الموظف المسؤول تكرار إصدار تراخيص محلات معينة في مجمعات تجارية معينة دون سواها، وثبت له من تتبع بعض الحالات أن هذه التراخيص قد صدرت لمكاتب تعقيب معاملات تقوم بتأجيرها من الباطن· ثم تقدم خطوة للأمام مقترحا على رؤسائه بحث هذه الظاهرة من الناحية القانونية لاعتقاده بوجود ثغرات يتم النفاذ منها دون التعرض للمساءلة، واقترح أيضا أن تنفذ إجراءات إصدار التراخيص باستخدام الحاسوب للحد من تفاقم هذه التجاوزات·
نشرت هذه الوقائع في إحدى صحفنا المحلية لتثير بذلك مسألة الصلاحيات التي تعطى للموظفين الحكوميين لإنجاز معاملات تحقق مكاسب معينة للمواطنين· وتعتبر هذه واحدة من أكبر المنافذ التي يتسرب منها الفساد الى الأجهزة الحكومية والخدمية منها على وجه الخصوص وتشكل هذه الصلاحيات خطورة أكبر عندما تصاحبها صلاحية الاستثناء في حالات معينة يمكن للمسؤول المناط به إصدارها أن يتوسع فيها دون معايير صارمة أو حدود قانونية تمنعه من ذلك· بل تكون المصيبة الأكبر عندما تستند صلاحيات المنع والمنح الى نظم يدوية في تنفيذ إجراءات معقدة وبكم كبير يصعب رصده مع تراخي أجهزة الرقابة الداخلية والخارجية·
وعلى من يهمه أمر معالجة مثل هذه المشكلة البدء بمراجعة الصلاحيات الممنوحة والاستثناءات المترتبة عليها حتى يمكن إلغاؤها إذا أمكن، كأن تطرح هذه الأنشطة الخدمية للخصخصة إذا ما كانت هناك جدوى من استمراريتها أصلا· وما لم يكن ذلك ممكنا فتكون مراجعة الإجراءات بقصد تخفيضها من جهة الكم والتعقيد فيما يعرف بتبسيط الإجراءات وإحالتها الى التعامل التقني باستخدام الحاسوب لتسهيل رصدها وتقليل تدخل العامل البشري في كثير من أجزائها·
وعلى صعيد مواز يأتي دور نظم الضبط والرقابة الداخلية التي يجب أن تكثف الضوء على المواقع التي تمنح هذه الصلاحيات داخل الوزارة، مصاحبا لدور أجهزة المراجعة الخارجية التي يجب أن تدخل هذا الشأن ضمن برامج مراجعتها·
ولا يخفى هنا دور البرلمانيين في تفعيل أدواتهم للكشف عن التجاوزات التي تنجم عن منح هذه الصلاحيات وكذلك دور مؤسسات المجتمع المدني المتخصصة مثل جمعية الشفافية الكويتية التي يجب أن تتقدم بمطالباتها للإعلان عمن يشملهم المنع والمنح من خلال هذه الصلاحيات مع تفعيل أدوات تسهيل التظلم على المتضررين· وفي المجمل فإن ثمة جهدا كبيرا وشاقا يجب أن يبذل لسد هذه الثقوب·
a2monem@hotmail.com |