عندما نقرأ لبعض كتاب التبرير ونستمع لهم ولمن لف لفهم في الفضائيات حول المشاكل في العالم العربي والإسلامي، نسمع دائما هاتين الكلمتين (بغض النظر) بغض النظر عن اغتيال رفيق الحريري ولكن يجب أن نحمي لبنان، وبغض النظر عن المقابر الجماعية بالعراق والدكتاتوريات التي أنهكت العالم العربي والإسلامي يجب أن تكون الأمة صفا واحدا ضد الغرب، وبغض النظر عن تنفذ الإرهاب التكفيري بالمنطقة والعمليات الإرهابية ذات الغطاء الديني ولكن يجب أن نحمي أبناءنا من الثقافة الغربية، وبغض، وبغض، وبغض عن كل ما يحدث من تدهور··· وصرنا عميان من كثرة "التغضغض" ولكن يجب أن نتصدى لكل المؤامرات التي تحاك ضدنا من طرف الإمبريالية العالمية! هذا لسان حال المثقفين العرب والمتلبسين برداء الدين من مبررين للإرهاب والتخلف في العالم الثالث·
ولكن يتضح أن عدوى (غض النظر) قد انتقلت لبعض الذين انتخبناهم كي يكونوا الأداة الرقابية والتشريعية في الكويت، فعندما نسأل: يا سعادة النائب البرلماني المحترم هناك تجاوزات مالية لا نراكم تتصدون لها بجرأة، لماذا؟ يرد عليك: بغض النظر عن التجاوزات بالمال العام ولكن يجب أن ننجح الإصلاح! ياسعادة النائب هناك تسهيلات لحملة الفكر التكفيري لنشر فكرهم وزيادة نفوذهم لسبب في نفس يعقوب ولا نرى تصديا واضحا لهذه المشكلة، لماذا؟ يجيبك: بغض النظر عن الفكر التكفيري والعمليات الإرهابية يجب أن نتمسك بالوحدة الوطنية وننتبه لأسباب الفرقة!· يا سعادة النائب هناك تجاوزات على أملاك الدولة، لماذا؟ يجيبك: بغض النظر عن نهب أراضي الدولة ولكن لا تركز كثيرا على هذه التجاوزات فلدينا أراض كثيرة لم يتجاوز عليها حتى الآن ويجب أن تنظر للنصف الممتلئ من الكأس وليس النصف الفارغ!· يا سعادة النائب المواطنون لا يستطيعون شراء منازل والإيجارات بارتفاع؟ يرد عليك: بغض النظر عن مشاكل السكن يجب أن نكافح قصات الشباب "اللي ما أدري من وين يايبينها، ويجب أن نكافح إعلانات المساج··· وأنت جنك وايد سلبي·· أشوفك أتركز على المشاكل بالبلد وما تشوف الإيجابيات!"
نقول لأصحاب التبرير (بغضغضة النظر)، رجاء بغض النظر عن السلبية وطرح المشاكل التي تتهربون من مواجهتها ومواجهة من يسببها، نحن نريد إصلاحا وتطويرا ونريد أن يكون بلدنا أفضل من سويسرا بكل النواحي لأن لدينا الإمكانات لذلك "ويا حضرة المبرر بالغضغضة أنت الظاهر في شبابك وايد إتبصبص ووالدك دايما يزف فيك ويقولك غض النظر يا ولدي غض النظر يا وليد، حتى صارت عندك فوبيا الغضغضة وانعكست على أدائك البرلماني" ونقول إن برلمانات الدول الديمقراطية فاتحة عيونها "عدل ولابسة" بعد نظارات رؤية ليلة على السلطة التنفيذية لكي تسير على الصراط المستقيم، وأما نحن إذا برلماننا سياسته (غض النظر) فأتوقع أن كثيرا من ممارسات المسؤولين "راح تطوف" الإشارة الحمراء دون أن يراها أحد·
machaki@taleea.com |