إن الشعوب ولاسيما الشعوب المتقدمة تزخر بالمنظمات والأحزاب الصغيرة والكبيرة التي ترفع مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية، ورفض الاستبداد والهيمنة والحفاظ على البيئة والدعوة الى السلام، ورفض جميع ألوان القمع والوحشية ومصادرة الحقوق، ولهذا لعبت هذه المنظمات اليوم في العالم المتقدم شأنا وتأثيرا كبيرين، وقد لعبت هذه المنظمات دورا فاعلا في إلغاء الكثير من القرارات والسياسات على المستوى الداخلي في بلدانها، ومع تطور التقنية الإعلامية والمعلوماتية تسرب الكثير من الوعي بمسائل الحقوق، وارتقت الشعوب وفطنت الى أهمية الكثير من القيم المغيبة كحقوقها السياسية والاجتماعية والمدنية، وتداخلت منظومات وتراكيب القيم والمبادئ التي تحكم الشعوب على اختلافها مع بعضها البعض، مما تمخض عنها لون من التفاعل والأخذ والرد الذي نجم عنه تطوير في الحاسة السياسية والحقوقية وغيرها، ولعل ذلك على رأس الأسباب التي تدعو بعض الأنظمة الجائرة لإجراء بعض الاستفتاءات الصورية، واللجوء الى الشعب لإضفاء قدر من الشرعية على أنظمتها، وفي هذا دلالة على تأثير الرأي العام العالمي ودوره في صناعة السياسات التي تفسر الأنظمة المستبدة، وفي هذا أيضا ما ينبئ عن فعالية وسائل الإعلام والاتصال التي وجعلت من الكرة الأرضية مجرد قرية صغيرة كما يقال، هذا وإن مفهوم السيادة للدول كما كان سائدا في الحقبة الماضية صار مجالا للجدل والنقد، بل إن ثمة طروحات قوية في المجتمعات السياسية العالمية ترى أنه ينبغي أن تحد السيادة بمسائل الديمقراطية وحقوق الإنسان، والحق أنه مع تفاعل الشعوب وتداخلها عبر تقنيات الاتصال الضخمة قد جرحت مفهوم السيادة، وجعلته من مخلفات الحرب الباردة ومهما قلنا عن تردي الحس الأخلاقي في العالم فهو لا ريب من جهة أخرى باتساع مطرد، ومن مظاهر هذه الاتساع تزايد منظمات حقوق الإنسان وفاعليتها حتى في بلدان العالم الثالث، وما نريد أن نقوله لا بد من فضح الحكومات المستبدة والجائرة من البداية، ولذلك فكرة إنشاء برلمان عربي قد يساهم في الكثير من الحلول بالنسبة إلى وضع بعض الحكومات الجائرة والمستبدة ومثلما تمت الموافقة على هذا المشروع من القمة العربية السابعة عشرة وتطبيقه في الفترة المقبلة من الأيام، هذا إن تم إنشاء هذا البرلمان!!