يرى بعض الإخوة الأفاضل أن المساعي الحكومية لتعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة هي في الحقيقة محاولة أخرى لتنقيح الدستور وإن كان "التعديل" من حيث المبدأ ضروريا لتفعيل عمل المجلس التشريعي والرقابي الذي تراجع بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة، السبب الجوهري خلف هذا "التوجس" في تقديرنا يكمن في القصور المعيب بتطبيق الدستور ومقاصده بالصورة التي تمناها وكافح من أجلها المؤسسون الأوائل (جزاهم الله خيرا) أكثر من كونها مسألة قصور في اللائحة الداخلية للمجلس· التعديلات المقترحة للائحة تؤكد (دون قصد) أننا نحتاج الى تغيير في النفوس قبل النصوص وإلا ماذا يعني تكرار تغيب بعض النواب عن حضور الجلسات وبالتالي فقدان النصاب؟ وماذا تعني كل هذه الاستجوابات "الدينية" غير الدستورية! وتلك "الضبابية"؟ وماذا يعني التأخر والمماطلة في الرد على أسئلة النواب الجادين؟ وماذا يعني الامتناع عن التصويت؟ وماذا يعني·· وتطول قائمة التساؤلات ويبقى الوضع الرديء على ما هو عليه حتى كاد الناس أن يزهدوا بالمجلس وبالديمقراطية بالأساس·· ثم يأتي من يقول إن المشكلة في اللائحة الداخلية! ولنفرض جدلا أن المشكلة في اللائحة الداخلية للمجلس وأن اللائحة الداخلية الجديدة المقترحة هي "لائحة الحكمة والعقل والخبرة" هل من الحكمة أن تعقد الجلسات وتستمر دون استكمال النصاب الدستوري؟ وهل من العقل تقييد أداة الاستجواب في ظل الأغلبية الحكومية؟ وهل من الخبرة الحديث عن إصلاحات إجرائية دون الحديث الجدي عن إصلاحات دستورية مسبقة؟
بصراحة مع احترامنا للحكومة والنواب المؤيدين لمشروع التعديل نقول·· لا يختلف اثنان على أهمية تطوير وتحديث اللائحة الداخلية للمجلس دون المساس بجوهر العمل النيابي، وبصراحة أكثر نقول إن مثل هذا التعديل يظل شكليا ما لم يرافقه وبعبارة أدق يسبقه تعديل لقوانين الدوائر الانتخابية، الانتخاب، تشكيل الأحزاب الصحافة والنشر·· وكل القوانين المقيدة للحريات لنصل بالنهاية الى الحد الأدنى من متطلبات الدولة الديمقراطية· |