رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 20 صفر 1426هـ - 30 مارس 2005
العدد 1671

آخر معاقل الاستبداد
د. محمد حسين اليوسفي
alyusefi@taleea.com

قال خافيير سولانا، منسق الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي مشيرا الى أوضاع البلاد العربية في مقال قصير نشرته الفايننشال تايمز اللندنية 14/3/2005 بأن روحا جديدة تسري بها· ووصفت مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون التربوية والثقافية باتريشا هاريسون، التي كانت تشارك في "مؤتمر المرأة القيادية" المنعقد بدولة الإمارات العربية المتحدة، وصفت ما يشهده لبنان حاليا من مظاهرات ضخمة بأنه يمكن أن يكون "ربيع العرب"· وقد سبقها رئيسها جورج بوش حينما أكد في خطابه بجامعة "الدفاع الوطني" في الثامن من مارس بأن الحكم الشمولي بالشرق الأوسط في "النزع الأخير"· وجاءت تلك التقييمات الإيجابية على ضوء ما تشهده المنطقة من مخاض ديمقراطي مازالت ملامحه في الأغلب الأعم ملامح "تجميلية"!!

والحق أن البلاد العربية تكاد تكون آخر معاقل الاستبداد والحكم الفردي في العالم، لو غضضنا الطرف عن الصين· فالدول العربية ومنذ فترة وجيزة بدت وكأنها في منأى عما يجري في العالم من تحولات صوب الديمقراطية وحكم القانون منذ ثمانينات القرن الماضي الى أواخره، فلم تأبه الجماهير العربية بما فعله مواطنو الفلبين حينما نزلوا الى الشوارع وأجبروا ماركوس على التخلي عن سلطته في ثورة سلمية قل نظيرها· وفيما كان حكم العسكر يتهاوى في الأرجنتين بفعل هزيمته في حرب الفوكلاند، كان صدام حسين في عز معارك "قادسيته" التي استمرت ثماني سنوات عجاف دون أن يتعرض نظامه الى هزة حقيقية· والعجيب أنه بعد تلك "القادسية" خرج مظفرا!! أما في "أم المعارك" فقد كان منتصرا، وحينما اشتعلت ثورة الجنوب في مارس 1991 قمعها بشدة "لأنها لم تلق إجماعا وطنيا"· أما سقوط جدار برلين وتبدل أنظمة أوروبا الشرقية وانهيار الاتحاد السوفييتي، فقد شكك بها الجمهور العربي على اعتبار أنها نتيجة لـ "مؤامرة غربية" قادتها الولايات المتحدة الأمريكية·

وهذا لا يعني أن القوى السياسية المعارضة في طول الوطن العربي وعرضه لم تكن تنادي بالديمقراطية وحكم القانون والتعددية، بل هذا يعني أن صوتها كان خافتا غير مسموع للجمهور العربي العريض، وأن نشاطها لم يستطع أن يغطي إلا نخبة من المثقفين قليلة العدد· أما السواد الأعظم من الشعب العربي فكان - وما زال بالطبع - غارقا في سعيه وراء لقمة العيش· ولا يخفى أن الاستبداد الذي يسود الوطن العربي كان وراء ذلك الطوق الذي ضرب على قوى المعارضة العربية الداعية للديمقراطية· لكن ذلك الطوق وتلك العزلة لم تكن من الأنظمة العربية فحسب، بل أيضا من "الديمقراطيات الغربية" وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية·

فهذه الدول قد "كالت بمكيالين" مدة طويلة من الزمن فيما يخص الديمقراطية ونشرها خارج أسوار مجتمعاتها الغربية· فتأييدها للقوى الديمقراطية كان يعني تأييد "ليخ فاليسا" رئيس نقابة التضامن في بولندا، أو الدفاع عن الكاتب الروسي "سولجنستين" وغيره من منشقي أوروبا الشرقية، أما أن تنبس تلك الدول ببنت شفة عن الأوضاع السائدة في الدول الصديقة لها والتي لها عليها سلطان واليد الطولى فلم يكن ذلك واردا· فالدول الغربية قد استخدمت الديمقراطية بشكل انتقائي، كسلاح دعائي في أيام الحرب الباردة لإحراج أنظمة دول أوروبا الشرقية والاتحاد السوفييتي· ولو كانت مؤمنة بتلك السياسة لأشاعتها بين أصدقائها بالذات في المنطقة العربية·

على أنه لا بد من التركيز أيضا على قوى المعارضة العربية وفهمها للديمقراطية، ذلك الفهم الذي شهد تقلبات عدة ليرسو في نهاية المطاف على ما هو سائد في العالم الآن وهو نظام للتداول الحر للسلطة بطريق الاقتراع السري والمساواة بين المواطنين (بغض النظر عن أديانهم ومذاهبهم وأعراقهم) مع ضمان حرية الرأي والنشر والتجمع وغيرها· باختصار، إنه المفهوم الذي طرحه الفكر الليبرالي· هذا المفهوم كان أبعد ما يكون عن فهم الحركة السياسية في الوطن العربي· فمنذ انهيار التجارب النيابية "الليبرالية" في سورية ومصر والعراق، أصبح مطروحا في الساحة السياسية "الديمقراطية الشعبية"، التي عنت "توزيعا عادلا للثروة" عن طريق سلطة تمثل الطبقات الشعبية· لكن، كيف تأتي هذه السلطة الى سدة الحكم، والى متى تستمر، وكيف تتغير؟ هذه الأسئلة لم تكن عليها إجابات شافية ومقنعة· إن الحزب الحاكم أو الحزب الطليعي أو تحالف قوى الشعب كان الصيغة المنتشرة التي يبشر بها الديمقراطيون العرب· لذا، لم يكن مستغربا أن نرى دولا عدة تلحق لفظ الديمقراطية باسمها كجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وغيرها، دون أن يعني ذلك إيمانها بالتعددية وغيرها من المفاهيم المطروحة حاليا·

وتظل المشكلة مع القوى والجماعات والأحزاب الدينية، وهي الأكثر انتشارا على الصعيد الشعبي العربي· فهذه الجماعات تتباين في فهمها للنظام الديمقراطي أو نظام الشورى، بين جماعات رافضة للديمقراطية وفكرة تداول السلطة، وأخرى كالإخوان المسلمين التي تتبنى الشورى، إلا أن مفاهيم هذا الحزب لتداول السلطة والمواطنة والحريات المختلفة مازالت غامضة ولم توضع موضع التطبيق· وقد ظلت جماعة الإخوان المسلمين تناقش مسألة الشورى هل هي ملزمة لولي الأمر أم معلمة، وانتهت الى أنها ملزمة· ولعل حكومة طالبان كانت نموذجا لفهم بعض هذه القوى لمعنى الحكم· أما تجربة إيران فإنها لا تقترب من مفهوم تداول السلطة المطروح في الغرب، فأي مرشح لرئاسة الجمهورية لا بد أن يكون مواطنا إيرانيا من المذهب الشيعي، وأي نائب في البرلمان لا بد أن يفحص تاريخه وسجله، والتشريع ليس بيد الشعب، فهو ليس مصدر السلطات جميعا - كما تنص الدساتير الوضعية عادة - بل إن أي قانون لا بد أن يرفع الى "لجنة تشخيص مصلحة النظام" قبل الموافقة عليه· وهكذا تبتعد التجربة الإيرانية عما هو معروف في الدول الديمقراطية·

ترى ما الذي حرك الماء الآسن في منطقتنا العربية وجعل إدارة بوش تجعل من نشر الديمقراطية والقضاء على الاستبداد رسالة أمريكا؟ لعل أبلغ إجابة هو ذلك التساؤل الذي طرحه أحد كتاب جريدة الجارديان في الثالث من هذا الشهر حينما كتب: "هل بدأ أسامة بن لادن ثورة الديمقراطية في الشرق الأوسط؟؟" ويضيف: "إذا افترضنا أن القاعدة لم تدمر برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، هل كان الشرق الأوسط سيشهد كل هذا التغيير؟؟"·

أجل التغيير - على محدوديته - قد حصل بسبب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والولايات المتحدة لمصلحتها أولا أخذت تمارس ضغطا على الأنظمة العربية· وهنا يأتي دور القوى الديمقراطية العربية بحيث توجه رياح التغيير بما تشتهي سفنها·

alyusefi@taleea.com

�����
   

سيارة عبدالله السالم:
عبداللطيف الدعيج
هاجر وقب عن هذه الديرة:
حسن العيسى
حتى في السماء!:
أحمد حسين
نريد الحقيقة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
مهمة الشدادية المكوكية!!!:
سعاد المعجل
تهاوي الكهفيين وانكشاف ألاعيبهم:
محمد بو شهري
المدير:
المحامي نايف بدر العتيبي
حديث اللائحة الداخلية للمجلس:
مسعود راشد العميري
غزو البنك الدولي:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
تحديث الكويت!:
عامر ذياب التميمي
آخر معاقل الاستبداد:
د. محمد حسين اليوسفي
"أبي أفهم..":
على محمود خاجه
القمة تمخض البرلمان العربي!!:
علي غلوم محمد
محطات الألم والحسرة:
عبدالله عيسى الموسوي
حتى لا نندم:
صلاح الفضلي
الطائفة والقبيلة انتماء مشروع واحتماء مفروض!:
عبدالخالق ملا جمعة
بغض النظر:
فيصل عبدالله عبدالنبي
5495 مشكلة ومشكلة:
عبدالحميد علي
لا تسأل.. لا تستجوب.. لا تتكلم:
يوسف مبارك المباركي