يقول مارك شولمان (كاتب أمريكي): إن الآباء المؤسسين للدولة الأمريكية كانوا يخشون من طريقة الانتخاب المباشر لاختيار رئيس الدولة لأنها (الطريقة) قد تفسح المجال للطغاة للوصول الى سدة الحكم عن طريق الاحتيال والتلاعب بالرأي العام الأمريكي·
الآباء المؤسسون - يقول شولمان - لم يثقوا كثيرا باختيار الناخبين وفضلوا طريقة الانتخاب غير المباشر للرئاسة عن طريق ما يسمى بالكلية الانتخابية·
تقوم فكرة الكلية الانتخابية على أساس تخصيص أصوات انتخابية لكل ولاية بحسب عدد ممثليها في الكونغرس، ثم يقوم الناخبون في الولاية باختيار عدد من الأشخاص مساويا لهذه الأصوات لتمثيلهم في الكلية الانتخابية، وعلى الرغم من الكثير من التحفظات على هذه الطريقة إلا أنها لا تزال متبعة في أمريكا، لا نريد الخوض في التفاصيل لأن ما يهمنا هو الفلسفة التي قامت عليها الفكرة لا الطريقة نفسها· يقول الكسندر هاملتن (أحد الآباء المؤسسين):·· كان المطلوب هو تفعيل إدراك الناس في عملية اختيار الشخص الجدير بنيل ثقة الأمة، وفي الوقت نفسه كان المطلوب أن يتم الانتخاب المباشر للرئاسة عن طريق أناس مؤهلين للقيام بتلك المهمة وتحت ظروف تساعد على اتخاذ القرار السليم وتوفر أسباب الأمن والأمان· "الإدراك والتأهيل" هما ما كان يبحث عنه هؤلاء المؤسسون في تلك الفترة من حياة الأمة، ولذلك قاموا بابتداع الكلية الانتخابية حيث نقلوا "الإدراك" - بالمعنى الفلسفي - من الكتلة السكانية الكبير الى مجموعة صغيرة مختارة من السكان أنفسهم وفي الوقت نفسه تعمل الكلية الانتخابية على تحقيق وتعزيز "التأهيل" عن طريق التفاعل بين الأعضاء وما يملكونه من معلومات وخبرات تساعدهم على الوصول الى القرار السليم· بطبيعة الحال تغيرت الأمور بعض الشيء هذه الأيام إلا أن الجوهر ما زال قائما ولا تزال الكلية الانتخابية هي من تنتخب الرئيس، ما أحوجنا لفكرة الإدراك والتأهيل في هذه المرحلة من حياة الأمة حتى نتمكن من اختيار ممثلينا في المجلس في القادم من الأيام، ولعل فكرة الأحزاب الوطنية هي الأقرب الى تحقيق مثل هذه الفكرة ولكن ليس قبل الصحوة الفكرية!·
wejhat-nazar@hotmail.com |