على الرغم مما قيل ويقال في مسألة حل مجلس الأمة إلا أنني "أحاول" أن أنظر الى المسألة على أنها دعوة لإجراء استفتاء شعبي لقضية الإصلاح بشكل عام، كثر الحديث عن الفساد الذي "ما تشيله البعارين" ولا يمر يوم إلا والحديث عن هذه الظاهرة المدمرة على لسان أغلبية المواطنين الحاكم كالمحكوم يشتكي من الفساد والبلد يئن تحت وطأة الفساد والمفسدين الذين لا يكادون يفقهون شيئا ولا يعلمون أن الوطن لجميع المواطنين وأنه - الوطن - ليس بعزبة أو مزرعة لفئة أو قبيلة أو طائفة تفعل به ما تشاء بل هو وطن للجميع يتساوى فيه المواطنون في الحقوق والواجبات تحت مظلة الدستور الذي حفظ لهذا الوطن وحدته وبقاءه "رغم أنف المفسدين"·
الاستفتاء الشعبي المقبل لا يمكن اختزاله في قضية الدوائر - رغم أهميتها - فقضية الدوائر الانتخابية ما هي إلا حلقة مهمة في سلسلة الإصلاح المطلوب لانتشال البلاد والعباد من مستنقع الفساد الذي صنعته قوى التخلف والاستبداد في ظل غياب أو تغييب الوعي السياسي للأمة·
قضية تقليص عدد الدوائر يبدو أنها كانت الشرارة التي أشعلت فتيل الوعي السياسي للأمة التي أدركت أنها تملك مخزونا من "الوقود" الدستوري الثمين القادر على إنارة البلاد وتحويلها الى "وطن النهار" متى تم تنقية - الوقود - من الشوائب الطفيلية التي علقت به وأثرت في فاعليته "مثل نواب الرشاوى والخدمات والفرعيات والواسطات المشبوهه··" ومن العبث الحكومي العتيد بجوهره·
تقليص عدد الدوائر الانتخابية - في تقديرنا - قضية محسومة إن عاجلا أم آجلا، والمهم في هذه المرحلة هو تقليص عدد "أشباه النواب" في المجلس التشريعي المقبل حتى يمكن البدء في عملية الإصلاح الشامل· الاستفتاء المقبل هو بالأساس اختبار آخر لإرادة الأمة التي أثبتت أنها قادرة على الوقوف في وجه الفساد والمفسدين متى أتيحت لها الفرصة للتعبير عن إرادتها الحقيقية·
ندرك تماما أن "الإرادة الحقيقية للأمة" لن تتضح وفق الـ 25 دائرة الانتخابية لكن مع الإرادة الصلبة والتخطيط السليم والتنسيق الجيد لا بد وأن نقترب قليلا من الهدف المنشود··· فقديما قالوا "مسافة الـ 1000 ميل تبدأ بخطوة"·
wejhat-nazar@hotmail.com |