"حرية تكوين الجمعيات والنقابات على أسس وطنية وبوسائل سلمية مكفولة وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، ولا يجوز إجبار أحد على الانضمام الى أي جمعية أو نقابة" - (المادة 43) من دستور 1962·
"تقرر هذه المادة - حرية تكوين الجمعيات والنقابات - دون النص على الهيئات (التي تشمل الأحزاب السياسية)، وذلك حتى لا يتضمن النص الدستوري الإلزام بإباحة إنشاء هذه الأحزاب، كما أن عدم إيراد هذا الإلزام في صلب المادة ليس معناه تقرير حظر دستوري يقيد المستقبل·· وعليه فالنص الدستوري المذكور لا يلزم بحرية الأحزاب ولا يحظرها··" (المذكرة الدستورية للمادة 43)·
المطالبة بحرية تكوين الأحزاب بدأت تأخذ حيزا لا بأس به في وسائل الإعلام المختلفة وفي الدواوين وغيرها، بل إن البعض ذهب الى أبعد من ذلك مثل حزب الأمة، وتشكلت لدى الرأي العام قناعات مبدئية تتراوح بين المعارضة والتأييد والتحفظ· المعارضون يرون أن فتح المجال لقيام الأحزاب السياسية سوف يؤدي بالضرورة الى فوز حزب بالانتخابات وبالتالي حقه في المطالبة بتشكيل الحكومة إذا كان يملك الأغلبية مما يقودنا بالنهاية الى الملكية الدستورية ومقتضياتها الأمر الذي قد لا يتوافق مع الدستور· بالإضافة الى ما تقدم فإن التجارب الدستورية في بعض دول العالم كشفت عن سلبيات بعض الأحزاب في النظام البرلماني بحيث أصبح "الحكم غاية لا مجرد وسيلة لتحقيق حكم أسلم وحياة أفضل"· ويؤكد المعارضون على تلك السلبيات بالإشارة الى ما يدور في الساحة السياسية المحلية من كثرة الاستجوابات الموجهة للحكومة "من بعض التجمعات والتكتلات والتحالفات الشبيهة بالأحزاب" بهدف إسقاط هذا الوزير أو ذاك تمهيدا لإعادة تشكيل الحكومة "بالتبديل أو التدوير أو حتى بالحل الدستوري!" بما يتناسب وتوجهات بعض تلك التنظيمات!·
من جهة أخرى يطالب المؤيدون لتشكيل الأحزاب بتطوير ديمقراطيتنا الحالية بهدف الوصول الى الديمقراطية الصحيحة! التي تتضمن مبدأ حكم الأغلبية وتداول السلطة بمعنى أن الأغلبية النيابية الناتجة عن الانتخابات هي من تشكل الحكومة· الأغلبية النيابية - يضيف المؤيديون - لن تأتي إلا عن طريق قيام الأحزاب الواضحة البرامج والأهداف والمبنية على أسس وطنية غير قبلية أو طائفية أو فئوية أو خلافه·· ثم إن الدستور في مادته رقم 175 ترك "فسحة" للتطوير وذلك لمقتضيات سنة الحياة في التطور والتقدم·
بين المعارضين والمؤيدين - لتشكيل الأحزاب - توجد فئة المتحفظين الذين يرون أن الأمة غير مهيأة بعد لمثل هذه الخطوة الحتمية، وعليه فلا بد من التدرج في عملية التطوير والمرور بمراحل انتقالية تبدأ بالتطبيق الفعلي للدستور "نصا وروحا" وتنتهي عند الديمقراطية الحقيقية وذلك للحفاظ على أمن الوطن واستقراره·
الحوار الديمقراطي في مسألة تشكيل الأحزاب يثري ثقافة الأمة ويساعدها على تلمس الطريق الى بر الأمان المنشود·
wejhat-nazar@hotmail.com |