إن سر الحقيقة الإنسانية فيه - أي الإنسان - ما في الطبيعة من صرامة وتراخ، وغموض ووضوح وجمال وقبح، وحكمة وتحذلق، وصدق ورياء، وابتذال وامتناع، وتغير وثبات، ووجود واندثار هذه هي الطبيعة بجملتها، وهذا هو الإنسان بجملته، كل ما تقدم هو لغة الطبيعة وسره الذي أودع في مكامن الإنسان، ولا غرور فالإنسان فرع للطبيعة وأحد أجزائها وابنها البار بها، توحيه إليه من أغراضها وإيماءاتها وإراداتها وطموحاتها ما دام ثمة إنسان فهناك حرب ودمار، وسلام واطمئنان، وجور وعدل، وعلم وجهل، وقوة وضعف، واستقرار مترف وصعلكة بائسة، ومن طباع الإنسان وأهوائه أنه إذا أثبت شيئا وأوجبه لنفسه نفاه عن سواه فالجهل منه والمرض منه والجور منه وهكذا الأمر دواليك·
فالإنسان - بداهة - يحوي في دخائله أصولا وقابليات لمختلف النوازع والحكايات بخيرها وشرها، ولم تكن يد السماء زرعتها فيه تعسفا واعتباطا بل لها شؤونها وأغراضها وطرائفها وبينها يتم الترجيح والاختيار وعلى أساسه (أي الترجيح والاختيار) يكرم الإنسان أو يحتقر، فمنبع أصول ملكات الخير والحق والجمال هو حزمة من نور ومنبع أصول ملكات الشر والجور والقبح هو حزمة من ظلمة، ومن النور العطاء والحرية والسلام، ومن الظلمة الحكر والاستبداد والحروب، وبتغليب النور على الظلمة تتحقق آدمية الإنسان وتقدم في كدحه الدائم نحو التكامل والكمال·
فالإنسان إذن هو حفنة من الملكات أو أصولها، ولكل ملكة أغراضها وطبيعتها وميدانها، فملكة الشجاعة لها ميدانها الذي تتجسد فيه، ولا شجاعة في محق الضعيف وسلب حقوقه وترويعه بل هي أدنى مراتب الجبن والنذالة والترف، وملكة العلم لها ميدانها وأغراضها ولا علم في سجن الشعوب وإذلالها وابتزاز مواردها وخبراتها بينما أصحابها يعيشون حياة الفقر والقمع والقهر، بل هو علم قذفته المصادفة والظروف في نفوس مهترئة وضمائر منسحقة، وأرواح ممسوخة ارتدت صورة الآدمي وسمائه وهكذا في كل الملكات والمواهب الإنسانية·
والإنسان الكامل - نسبيا - هو من تسنى له التوفيق بين تلك الملكات، وإفراخ كل ملكة من موضعها الموضوع لها على نحو لا ينعكس على محو ملكة أو إحلال أحدها مكان الأخرى، وتتفاوت الملكات والاستعدادات لدى الإنسان قوة وضعفا، وشدة وتراخيا فإذا طغت الشجاعة - مثلا - على سائر الملكات فهي أي الشجاعة أقرب وبها أشهر وهكذا·
نبارك للدكتورة الوزيرة معصومة المباركة بتقليدها الوزارة فهي حقا تستحق أفضل من هذه الوزارة لما تتمتع به من مكانة علمية فنعم الاختيار، ونقول للسيد القلاف والفاضل علي المتروك كل منهما يراجع ما يقوله، ونقول للحكومة وأعضاء مجلس الأمة أنقذوا الرياضة بأسس صحيحة وبحلول جذرية وحل الاتحاد وتعيين مجلس إدارة جديد يترأسه الشيخ طلال الفهد ومجموعة من عمالقة الكرة ولفترة محددة، لأن الاتحاد إذا تم تشكيل مجلس إدارته عن طريق الانتخاب فلن يصل الى الاتحاد إلا من هو لا يفهم ولا يفقه شيئا في الرياضة "فلا طبنا ولا غدا الشر"·
ali_gh93@hotmail.com |