هل من أحد على وجه الأرض يستطيع العيش والحياة بلا أخلاق ولا قيم ولا قيود أو حدود على الإطلاق؟ أبدأ حتى من ينكر الأخلاق يحرص كل الحرص على حريته وكرامته ويكره الاعتداء عليه، ويحب أن يفي له من عاهده معاهدة، وأن يكون ولده باراً، وحاكمه عادلا وجاره طيبا وكل ذلك وما إليه من صميم الأخلاق الكريمة، وقديما قال أرسطو: "وأي شخص لا يحتاج إلى غيره من الناس فهو أما إله وإما وحش"·
ولا شيء أدل على أن المبادىء والقيم الإنسانية حقائق واقعية من أن الناس يتخذون منها مقاييس لأفعالهم ومعاملاتهم والتزاماتهم ولفصل الخصومات والمنازعات فيما بينهم، بل الإيمان بها تغلغل في كل نفس حتى نفوس الجاحدين بها تقدس القيم الإنسانية من حيث لا يحس صاحبها ويشعر·
ولنفترض أنهم جحدوا بالقيم قلبا ولسانا، وأنه لاعين ولا أثر في أعماقهم للإيمان بها فإن عدم الوجدان لايدل على عدم الوجود، أما اختلاف الأمم والشعوب في نظرتها إلى الخير والشر··
إن الاختلاف في الوقائع والحقائق لا يغير منها شيئا، فقد مضى على الناس حين من الدهر وهم يؤمنون بأن الأرض مسطحة، وأن الشمس تدور حولها·
والحق في الجواب أن القيم الأخلاقية ثابتة ومستمرة في الفعل والسلوك الخارجي، فالدفاع عن الوطن وخدمته لذات الوطن، والانتصار للمظلوم لأنه مظلوم، كل ذلك لا تتم الحياة ولا تستقيم إلا به، وتحتوي على الخير والفضيلة حقا وواقعا تماما كما تحتوي الحياة على الأمن والصحة والدعوة والسعادة والهناء·
ali_gh93@hotmail.com |