رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 23 ذو الحجة 1424هـ - 14 فبراير 2004
العدد 1614

محنة الديمقراطية!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

منذ بداية التحرك العالمي نحو تحديث الأنظمة السياسية في مختلف بلدان وقارات العالم، منذ بداية عقد الثمانينات من القرن العشرين، يواجه ذلك التحرك أزمات وعقبات في الطريق، وإذا كانت بلدان كثيرة في آسيا وأمريكا اللاتينية، والى حد ما في أفريقيا، ومعظم بلدان أوروبا الشرقية، قد تحررت من الإرث الديكتاتوري وأقامت ديمقراطيات حقيقية فإن بلدان أخرى ما زالت تواجه عقبات عميقة، ولا شك أن البلدان العربية تمثل أعتى الحصون المناهضة للديمقراطية لأسباب تتعلق بالإرث الحضاري والثقافة السياسية المعاصرة ومنظومة القيم المجتمعية ناهيك عن تعنت الأنظمة الحاكمة، لكن هناك بلدانا أخرى تواجه مقاومة متنوعة للتطور الديمقراطي ومنها بلدان الاتحاد السوفييتي السابق مثل أذربيجان وأزبكستان، وهذه البلدان وإن تبنت أنظمة دستورية تعتمد الديمقراطية منهجا للحكم إلا أنها تضع قوانين تمكن الحاكم من أن يتولى السلطة الى أبد الآبدين، وأن الأحزاب الحاكمة تتولى السلطة دون مزاحمة فعلية من تيارات المعارضة، لا ريب أن التطورات الأخيرة في روسيا والتي تمثلت بفوز حزب الرئيس بوتين، اتحاد روسيا، وهو على غرار الأحزاب التي يتم خلقها من قبل النظام الحاكم، كما حدث في مصر الناصرية مثل هيئة التحرير أو الاتحاد القومي أو الاتحاد الاشتراكي، هذا الفوز، الذي تثار حوله شكوك وافتقار النزاهة، يمثل ضربة موجعة للديمقراطية الجديدة في روسيا·

وربما يكون من أخطر الأمور التي تواجه الديمقراطية في روسيا أن الحزب الحاكم الجديد يريد تغييرا في الدستور يتيح للرئيس بوتين الحكم لدورات عدة، مدة الدورة 7 سنوات، بما يجعله حاكما مطلقا هناك حتى عام 2018، يعني ذلك أن مبدأ تداول السلطة لم يعد قائما في روسيا، وهي من البلدان التي توسم الكثير من المراقبين السياسيين بعد سقوط الاتحاد السوفييتي أن يتحول بلدا ديمقراطيا عصريا يمكن من تطوير أنظمة سياسية في بلدان مجاورة في آسيا الوسطى أو في البلقان أو القوقاز، هل تستطيع هذه النزعات الشمولية المتأصلة في النظام الحاكم في روسيا أن تواجه الضغوطات الغربية الداعية للانفتاح والاستفادة من الديمقراطية لأجل الحصول على المعونات الاقتصادية والقروض التنموية؟ ربما يمكن لنظام سياسي، كما هو موجود في روسيا أن يواجه الضغوط حيث قد لا يكون مهتما كثيرا بتطوير الأوضاع الاقتصادية والمستويات المعيشية بما يعزز التوجهات الديمقراطية في البلاد، هذا التطور السلبي ربما لا يمكن من إيجاد حلول لمشكلات مهمة مثل النزاع في الشيشان الذي أصبح يهدد الأمن الإقليمي هناك، ويعزز أعمال العنف حتى داخل روسيا ذاتها، أي بمعنى آخر العزوف عن خيار المفاوضات والبحث عن مخرج مقبول لحل أزمة الشيشان يدفع المتطرفين الإسلاميين للقيام بأعمال العنف دون هوادة·

هناك مثال آخر للعراقيل التي تواجه الديمقراطية وهو مثال يجب الاستفادة منه، فكما هو معلوم أن تدخلا دوليا، وأمريكيا، حصل في هايتي في البحر الكاريبي من أجل إنهاء الديكتاتورية العسكرية وإقامة نظام سياسي تمثيلي ديمقراطي، وقد أنجزت المهمة وتمت إقامة نظام ديمقراطي وانتخب الرئيس ارستيد··· لكن عندما جرت انتخابات جديدة ورشح ارستيد نفسه مرة أخرى أثارت الأحزاب المعارضة ومراقبون دوليون أن هناك انتهاكات قد حدثت في تلك الانتخابات مما يستدعي إعادتها ورفض ارستيد أي حوار مع المعارضة واستمر في غيه ضاربا عرض الحائط بكل الاحتجاجات والتظاهرات، تحدث هذه الأيام تظاهرات مستمرة في تلك الدولة الفقيرة في البحر الكاريبي، والتي عانت من الديكتاتورية والطغيان لسنوات وعقود طويلة، ويصر ارستيد على إكمال مدة رئاسته حتى عام 2007 بينما تقوم المعارضة بأعمال احتجاجات وتظاهرات وحركات عنف يقاومها الرئيس بالقمع البوليسي ولا يبدو أن هناك نهاية مقبولة بالرغم من تدخلات الأمم المتحدة والولايات المتحدة مما يعني إمكانية استمرار المعاناة الوطنية هناك لأجل غير قصير·

إن هذه النماذج لأنظمة جديدة والتي جاءت بعد عقود طويلة من الطغيان والاستبداد والشمولية تعني أن الخلل في البنية السياسية وتوارث الفكر الشمولي وعادات القمع والاستحواذ على السلطة، كما يحدث في روسيا وبلدان آسيا الوسطى وهايتي وعدد آخر من البلدان الإفريقية، لن يتم تجاوزه إلا بعد مخاض طويل من الصراع وبناء مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب التي تؤمن بقيم الديمقراطية، هذه المحنة في عملية بناء الديمقراطية تؤكد أن البلدان العربية وهي التي مرت بتجارب مأساوية من الديكتاتورية والطغيان قد تواجه مشكلات معقدة في بناء الحياة الديمقراطية· نحن نشاهد تجارب في مصر وتونس والأردن تعاني من التردد من أنظمة الحكم ومحاولات لإطالة مدد الرؤساء والحكام دون تقييد دستوري محكم، أو تواجه مشكلات الثقافة السياسية المستبدة حتى من أحزاب المعارضة، كما هي الحال في الأردن عندما يتسيد الفاشيون الإسلاميون أو القوميون سدنة هذه المعارضة بقيمهم المتخلفة ومعاداتهم للفكر المتحرر، وإذا كانت البلدان الأخرى قد تتأثر بشكل أو بآخر بقيم حضارية وتأثيرات أوروبية أو أمريكية متنوعة، اقتصادية وغيرها، فكيف يمكن أن نحرر العرب من قيم الاستبداد في ظل موروثات الاستبداد الشرقي؟

 

tameemi@taleea.com  

�����
   

محاربة الفساد:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
العراق من نافذة الطائرة:
سعاد المعجل
إيدن وموليه:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
”اللي يحب النبي يضرب!”:
خالد عايد الجنفاوي
المقاومة لن تحقق الأمن والاستقرار في العراق:
يحيى الربيعان
مكة وكاليفورنيا دولة واحدة:
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
اتحاد كرة القدم بحاجة لمجلس يتم تعيينه:
المحامي نايف بدر العتيبي
محنة الديمقراطية!:
عامر ذياب التميمي
صراع السلطة في إيران:
د. محمد حسين اليوسفي
دبلوماسية الإرهاب:
عبدالله عيسى الموسوي
التلفيق·· أسلوب معيب في السياسة والصحافة:
د· مهدي الحافظ ü
الاستفزازات المذهبية·· إلى متى؟:
عبدالخالق ملا جمعة
الطغاة الصغار:
بدر عبدالمـلـك*
سبق صحافي تنفرد “الطليعة” بنشره
الخطة العراقية لحل مشكلة السكن في العراق:
حميد المالكي
البرلمان البحريني والعملية الإصلاحية:
رضي السماك