رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 21 جمادى الآخر 1426هـ - 27 يوليو 2005
العدد 1688

مأساة
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

هل أصبح الإرهاب أمرا روتينيا يواجهه البشر يوميا خلال حياتهم الاعتيادية؟ هل ما يمكن أن يتطرق له المرء بعد حوادث لندن الأخيرة يوم الخميس 21 يوليو وأحداث شرم الشيخ يوم الجمعة 22 يوليو حيث يتأكد لنا مدى عبثية الأمر، لكن مع ذلك يتأثر الناس بشكل أو بآخر بهذه الأحداث مهما بلغت من عبثية·· ولا يمكن أن يطمئن الإنسان على حياته وحياة أبنائه أو أفراد عائلته في ظل هذه الأعمال الإرهابية التي تتصيد البشر دون أن يكونوا أهدافا محددة·· فهل يمكن اعتبار ركاب القطارات أو الباصات في لندن أهدافا سياسية ذات قيمة، ويكون لمصرعهم أو جراحهم نتيجة تعود بالفائدة على مرتكبي الأعمال الإرهابية؟ وهل يعقل أن يؤدي قتل الأطفال والنساء في حواري بغداد أو الحلة أو الأسواق في العراق أو قتل المصلين في المساجد هناك أو قتل السياح في مصر الى تحقيق نتائج سياسية تمكن من وصول الإرهابيين الى تحقيق أهدافهم وانتصارهم··؟ لا يمكن فهم هذه الأعمال إلا أنها ناتجة عن مفاهيم خاطئة للصراع السياسي، ولم تتمكن الفئات التي اتبعت هذه الأساليب من الوصول الى غاياتها···

ولا شك أن هذه الأعمال تستهدف المواقع السهلة وغير المحروسة وتستخدم المفخخات والانتحاريين والذين غسلت أدمغتهم بالأفكار المتطرفة·· وغني عن البيان أن ما كان يمكن أن يتوافر هذا العدد من الراغبين بالانتحار إلا نتيجة لوجود بيئة ثقافية حاضنة للفكر المتطرف المتعزز في مجتمع يحوي فئات تقبل، على الأقل، عددا من الطروحات الفكرية المتطرفة·· وإذا كان هناك من يعتقد أن هذا الفكر وهذه الممارسات الإرهابية ما كان لها أن تجد قبولا لولا الظلم الذي وقع على العرب وتعامل الغرب مع القضايا الأساسية، مثل القضية الفلسطينية، فإن مثل هذا التبرير لا يرى الصورة الشاملة للمسألة·· من الصحيح أن القضية الفلسطينية والكثير من القضايا العربية لم تحظ بالعدالة الدولية وأهملت كثيرا، كما أن الفكر النضالي المتطرف انتشر في الأوساط الفلسطينية، والعربية، على مختلف مشاربها الثقافية والسياسية لكن ذلك لم يؤد الى نتائج تذكر، بل على العكس من ذلك فقد تضررت تلك القضايا كثيرا وتراجعت أهميتها لدى الآخرين، ولقد أيقن الفلسطينيون، وقبلهم عرب آخرون، بأن الحلول السياسية الناتجة عن التفاوض والتباحث وإيجاد الحلول المقبولة من مختلف الأطراف هي التي تقود الى التسويات الملائمة·

بيد أن المراقب يجب أن يحاول أن يفهم الظاهرة من أبعاد مختلفة·· فكما هو معلوم أن ظاهرة الأصولية الإسلامية تعززت بعد هزيمة العرب في يونيو 1967 وتأجج الصراع في الحرب الباردة، كما أن قيام حكومات عدد من البلدان العربية بتبني التيارات المتأسلمة خلال سنوات السبعينات والثمانينات وتمويلها بأموال البترول قد أوجدا أرضية ملائمة للانتشار وارتفاع حدة التطرف·· وليس سرا أن تبني القوى الأصولية إبان حرب أفغانستان بعد التدخل السوفييتي لدعم النظام اليساري بعد عام 1979 قد وسع الدائرة كثيرا وأوجد أرضية للتدريب وإنشاء المدارس الدينية بتمويلات خليجية في الباكستان مما مكن من بروز تيارات طالبان والقاعدة وغيرها، هذا في الوقت الذي كانت المجتمعات العربية تعاني من أزمات متنوعة منها التدهور المعيشي وتخلف نظام التعليم وتهافت الرسالة الإعلامية، وضعف الكيانات السياسية وغياب الديمقراطية وانعدام مناخ الفكر الحر·

وما يجعل المسألة بدرجة المأساة هو أن الجاليات العربية والإسلامية التي رحلت عن أوطانها وأقامت في فرنسا وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة وكندا وغيرها من بلدان الغرب لم تتمكن من التأقلم مع البيئات الاجتماعية الجديدة في بلدان المهجر المذكورة وظلت تعيش في حالة "الغيتو" ولم يتمكن الأبناء الذين ولدوا في المهاجر من استيعاب قيم الثقافة الإنسانية المعتمدة على الحرية والإبداع والتسامح، وتفاعل هؤلاء، فقط، مع ظواهر العنصرية وأصبح هم هؤلاء الرد على ثقافة اليمين المتطرف في تلك المجتمعات، ولذلك لم يكن عسيرا على القوى الأصولية المتطرفة التقاط هؤلاء الشباب وتجنيدهم لإنجاز أهدافها·· إن ما حدث ويحدث في لندن والعراق ولبنان والسعودية ومصر وغيرها يتطلب العمل على تبني ثقافة جديدة تناصل ضد التطرف وتعمل على استيعاب المشكلات والمعضلات على أسس عصرية، وتعمل على إصلاح أوضاع التعليم والإعلام والاندفاع في طريق التفاهم الحضاري مع الآخرين·

* باحث اقتصادي كويتي

 tameemi@taleea.com

�����
   

التوراة فوق السياسة.. والعقل:
أحمد حسين
تسريبات صحافية:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
المغفلون في الأرض:
محمد بو شهري
واقع مؤلم:
مي حمد العليان
مأساة:
عامر ذياب التميمي
مأزق التعددية الثقافية في الغرب:
د. محمد حسين اليوسفي
د. حسن.. إلغاء التوفل ليس الحل:
على محمود خاجه
جدار حول القدس:
عبدالله عيسى الموسوي
أول إنجازات المجلس البلدي..!؟:
عبدالله العبدالعالي
مشروع الضرائب والمبدأ الديمقراطي(2-2):
علي غلوم محمد
يوليو الأسود:
فيصل أبالخيل
على أجندة الإصلاح:
راشد الرتيبان*
المقالة ليست مسألة رأي!:
عبدالخالق ملا جمعة