رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 17 شعبان 1426هـ - 21 سبمتبر 2005
العدد 1696

تونس وتحدياتها!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

يشعر زائر تونس بأن هناك حراكا اجتماعيا مستمرا يتجه نحو العصرنة بالرغم من المشكلات السياسية والاقتصادية المهيمنة على البلاد·· ومن أهم المظاهر الطاغية في تونس هي ظاهرة السياحة التي تعتمد على الأوروبيين بشكل أساسي حيث تشغل المنتجعات والمواقع السياحية في الحمامات وسوسة وجربه وغيرها بمجاميع كبيرة من الزائرين من شمال أوروبا أو فرنسا أو إسبانيا أو إيطاليا·· وقد تمكنت تونس من أن تجعل من السياحة في البلاد غير مكلفة ومواتية لطبقات وفئات اجتماعية واسعة في البلدان الأوروبية·· لذلك يتدفق الملايين من السياح الى البلاد ويكرر الكثير منهم الزيارات بعد أن يجدوا طيب الضيافة والمشاعر الدافئة بين أهالي تونس·· وقد تمكنت الإدارة التونسية من تطوير قدرات الكوادر العاملة في مجال السياحة لدرجة مهمة مما عزز من الإمكانات في قطاع السياحة، كما أن الطبيعة والتضاريس التي تجمع بين الخضرة والبحر والسهولة والتلال قد أضفت جمالا خلابا على المنشآت السياحية بشكل قد لا يتوافر لبلدان كثيرة·· ولا شك أن كل هذه العوامل التي ساعدها، أيضا، القرب من أوروبا قد جعل من السياحة المصدر الأساسي للدخل في البلاد·

الى جانب السياحة هناك صناعات تصديرية تعتمد في مدخلاتها الأساسية على الإنتاج الزراعي مثل زيت الزيتون والعنب والجلود، وهي منتجات تتجه الى الأسواق الأوروبية·· ولذلك فإن السوق الأوروبية تظل أهم مصدر للإيرادات السيادية في تونس وهي تعتمد على تطوير العلاقات الاقتصادية معها من أجل تنمية الاقتصاد الوطني·· لكن هذه العوامل لا تزال عاجزة عن تحسين الأوضاع المعيشية في البلاد حيث يبلغ عدد السكان ما يقارب الثمانية ملايين نسمة في الوقت الذي لا يزيد الناتج المحلي الإجمالي عن ما يقارب عشرة بلايين دولار أمريكي، ويعني ذلك أن معدل دخل الفرد السنوي لا يزيد عن ألف ومئتين وخمسين دولارا·· وقد تمكنت البلاد من تحسين إيراداتها من الصادرات النفطية لتعزيز إمكاناتها الاقتصادية لكن ذلك ذا تأثير محدود، ولا يمكن أن يكون ارتفاع أسعار النفط مفيدا حيث إنه يحيق بمصالح المستهلكين بأضرار كبيرة داخل البلاد·

لكن المجتمع التونسي الذي تطور على مدى العقود الخمسة الماضية باتجاه القيم العقلانية والعصرية بفضل توجهات الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الذي أراد أن يجعل من تونس ملاذا لقيم التحرر الاجتماعي وبعيدة عن طروحات التزمت الديني، هذا المجتمع يعاني الآن من تغلغل أفكار أصولية ربما استحوذت على عقول قطاعات من الشباب، وقد يعتقد البعض أن الرئيس الراحل قد أقام نظاما علمانيا متطرفا، والأمر الذي يكتشفه الزائر ليس كذلك، حيث تنتشر الزوايا الإسلامية وتتوزع المساجد في كل أنحاء البلاد ويزاول الناس الطقوس الدينية دون خوف أو وجل من السلطة·· كما أن السلطة تعتمد القيم الإسلامية في خطابها السياسي ولا تتنكر لمشاعر الناس الدينية، إلا أن النظام السياسي اجتهد كثيرا في فهم الدين الإسلامي، وكرس قيم العمل وحد من الغلو في الممارسات المتعلقة بالأحوال الشخصية، مثل مظاهر الطلاق غير المبرر أو تعدد الزوجات دون مبررات مقنعة·· لا يعني ذلك أن المجتمع التونسي قد أصبح مثاليا حيث إن هناك الكثير من المظاهر غير السوية والتي تتطلب معالجات جادة، وهي مظاهر لا يمكن فهمها بشكل موضوعي دون التعمق في الأسباب التي أوجدتها ومنها أسباب اقتصادية·

هناك تحد مهم أمام النظام السياسي في تونس يتمثل بتطوير النظام السياسي نحو الديمقراطية الحقيقية، حيث إنه بالرغم من وجود مظاهر التعددية ووجود صحافة وانتخابات تشريعية ورئاسية بشكل دوري ومنتظم إلا أن هناك ضرورة لتطوير هذه الآليات لتصبح أكثر تعبيرا عن مشاعر ومتطلبات التونسيين خلال السنوات القادمة·· وربما تستفيد تونس من علاقاتها مع أوروبا لدعم مسيرة الإصلاح السياسي بما يتوافق مع استحقاقات العصر الحديث··· ولا يمكن أن يتم القضاء على مظاهر التطرف والغلو بين الشباب في تونس دون دعم جهود الإصلاح السياسي وتوسيع أطر الديمقراطية بالإضافة لتمكين أكبر عدد من هؤلاء من الحصول على فرص عمل مواتية·· هذه الانطباعات تعني بأن المرء الذي يزور تونس لا بد أن يخرج برؤية لمستقبل واعد في ظل التطورات التي جرت هناك في النصف الأخير من القرن العشرين·

باحث اقتصادي كويتي

tameemi@taleea.com

�����
   

..وتنوعت التأويلات!:
أحمد حسين
إصلاح الأمم المتحدة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
عقدة الذنب!!:
سعاد المعجل
تجنيس بالواسطة:
صلاح الفضلي
حوار مع الذات(3):
فهد راشد المطيري
حل دستوري:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
تونس وتحدياتها!:
عامر ذياب التميمي
حرب إيران في ذاكرة العراقيين:
د. محمد حسين اليوسفي
الدستور الأوسطي الجديد:
يحيى علامو
فلنحافظ على حرارة الأرض!:
قاسم حسين عوضü
تساؤلات وخواطر حول الانتخابات النيابية المقبلة:
مسعود راشد العميري
الوفاق الاجتماعي:
علي غلوم محمد
الزرقاوي والبدعة الكبرى:
عبدالخالق ملا جمعة
محطات إسرائيلية:
عبدالله عيسى الموسوي
أفضل قانون يحمي العراق من الإرهاب:
فيصل عبدالله عبدالنبي
مات ولم يتحقق حلمه:
المحامي نايف بدر العتيبي