رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 12 رجب 1426هـ - 17 أغسطس 2005
العدد 1691

هل هناك من أمل؟
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

عندما يحاور المرء مثقفين عرباً، من مختلف الجنسيات، لا يجد ما يشجع على التفاؤل بمستقبل العالم العربي وإمكانيات نهوضه، حيث إن الطروحات تتسم بالغوغائية وبالنزعة العدائية وغياب التحليل العقلاني وطغيان نظرية المؤامرة في الاستنتاج بشأن الأحداث··· ولا شك أن مثل هذا الفكر الخرافي الذي يسيطر على هؤلاء المثقفين والذين ينتمون لمختلف المدارس الفكرية لا يمكن أن يسعف المرء في بحثه عن الأمل وتوسم التفاؤل بشأن المستقبل·· وإذا كانت هذه هي حال المثقفين والمتعلمين تعليما عاليا، والبعض منهم قد تخرج من أفضل الجامعات في العالم المتقدم، فماذا يمكن أن نتوقع حال البشر البسطاء الذين لم يتلقوا تعليما مناسبا ولا نهلوا من الفكر إلا الفتات؟ ولذلك فإن العالم العربي لا بد أن يمر بمخاض طويل حتى يمكن أن يصل الى مرحلة النهوض، ذلك أن النهوض والتنمية لا يمكن أن ينجزا إلا إذا توافرت قيادات مثقفة واعية لما يتطلبه العصر وما يجب القيام به من أجل إسعاف الأمة·· وغني عن البيان أن المشكلات والأزمات والقضايا التي تمر بها مختلف البلدان العربية تتطلب معالجات سريعة ومهمة، وإلا فإن إهمالها سوف يؤدي الى المزيد من التدهور والتراجع والتيه في نفق التخلف والطغيان·

لكن هناك مؤشرات، وإن كانت مبهمة، تدل على أن الأمور والأوضاع لن تستمرا على ما هي عليه الحال، حيث لا بد أن تنتعش حياة العرب ويتفاعلوا مع المستجدات الإنسانية، إن من أهم هذه المؤشرات هو رغبة العالم المتقدم بتطوير الأوضاع السياسية والاقتصادية في العالم العربي لمواجهة أسباب التطرف والإرهاب والعصبيات الدينية والثقافية··

ولا بد أن تكون هذه الاهتمامات من الآخرين ناتجة عن مخاوف من أن العرب في ظل أوضاعهم الراهنة سيكونون خطرا، أو مصدر خطر، على الأمن الوطني في الكثير من هذه البلدان المتقدمة، كما حدث في الولايات المتحدة وأسبانيا وأخيرا في بريطانيا·· ويرى الاستراتيجيون في العالم المتقدم بأن فشل الحكومات، أو الأنظمة السياسية، العربية وتجاهلها للمعضلات واحتكار القلة للسلطة والثروة قد مكنت القوى الرجعية، والمتطرفة منها، من استقطاب الكثير من الجماهير والهيمنة على الأفكار في المجتمعات العربية، وكما هو معلوم في علم الاجتماع السياسي أن ظاهرة الدولة الفاشلة أصبحت من أهم الظواهر التي تؤدي الى تعميق الأزمات في البلدان النامية، وقد يكون الفكر المتطرف والمعتمد على الخرافة والتخمين هو نتاج لانسداد إمكانات الحوار السياسي الحر والذي يفعل العقول ويشجع على الإبداع ويعزز القيم المتحررة·

وإذا انتقلنا الى تحديد الأزمات والمعضلات فإن أزمة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وانعكاسها على الواقع العربي تظل من مبررات الجمود وعدم التطور الثقافي في الكثير من البلدان العربية·· فهل يمكن أن تساهم عملية الانسحاب الإسرائيلي من غزة في حلحلة الأوضاع الفلسطينية والدفع في عملية السلام بما يعزز إمكانات التركيز على قضايا الإصلاح في البلدان العربية بشكل أفضل؟ من جانب آخر فإن عملية الانسحاب هذه سوف تخلق توترا في المجتمع الإسرائيلي خصوصا في أوساط اليمين بما يدفع نحو الفرز وعزل المتطرفين في معسكر اليمين، وقد تأتي انتخابات قادمة في إسرائيل بقوى أكثر قابلية في تعاملها مع مشروع السلام وإقامة دولة فلسطينية مستقلة بعد اقتناع أوساط واسعة بعدم جدوى استمرار احتلال أراضي الضفة الغربية، وإذا تحقق ذلك فإنه لا بد أن يعزز إمكانات توسيع دائرة السلام لتشمل الجولان وإعادته لسورية، هذه التطورات وما قد ينجم عنها من معاهدات سلام ربما تؤدي الى خلق أوضاع عربية أكثر إصرارا على الإصلاح والديمقراطية ومعالجة المعضلات الأساسية·

أيضا، هناك مصر بعد انتخابات الرئاسة القادمة، هذه الانتخابات التي تجري على أساس تعدد المرشحين، وللمرة الأولى في تاريخ مصر، سوف تساهم في خلق أوضاع جديدة في مصر، قد يقول البعض بأن النتائج معروفة وأنه سيتم إعادة انتخاب الرئيس حسني مبارك لولاية خامسة جديدة ولمدة ست سنوات أخرى، لكنه، هذه المرة، سيأتي بمشروعية أفضل، وهو سوف يسعى لتأكيد مشروعية حكمه من خلال إنجاز إصلاحات مستحقة مثل إلغاء قانون الطوارئ والدفع بنظام التعددية الحزبية، وربما تحرير الصحافة والإعلام من هيمنة الدولة، وفي الجانب الاقتصادي قد يسعى لتحرير الاقتصاد بشكل أكيد وتبني مشروع خصخصة تمكن القطاع الخاص من لعب دور حيوي يعزز دوره السياسي، ربما يكون المرء متفائلا الى حد ما ولكن هذه المؤشرات قد تتضح خلال السنة المقبلة، وإذا استمرت العملية السياسية في العراق في السير بشكل معقول، بالرغم من التعثر الأمني، فإن الأمل بحدوث تطور في الحياة العربية قد يتعزز، بيد أن المرء يجب أن يعي ما سبق الإشارة إليه من حقائق لكي يصبح التفاؤل واقعيا·

باحث اقتصادي كويتي

tameemi@taleea.com

�����
   

"البدون" صداقة مع المعاناة:
ناصر الخالدي
مخبولة بروكلين!:
أحمد حسين
العراق بين رؤيتين:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
عوّرت قلبي يا هادي:
على محمود خاجه
المنافذ... يا معالي الوزير؟!:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
النقد بين الموضوعية والرأي الشخصي:
مشاري الصايغ
هل هناك من أمل؟:
عامر ذياب التميمي
السودان بعد قرنق:
د. محمد حسين اليوسفي
منتدى جمال الأتاسي آخر منافذ التهوية:
يحيى علامو
كفاكم رهانا على شارون:
عبدالله عيسى الموسوي
الاستراتيجية الصينية لتحقيق الأمن النفطي:
عبدالعظيم محمود حنفي*
دور القمة العربية في مكافحة الإرهاب:
عبدالله العبدالعالي
آفاق جديدة في نظرية الديمقراطية المبادرة أمريكية:
راشد الرتيبان*
مواردنا البشرية..:
محمد جوهر حيات