قبل سقوط صدام حسين بيد قوات التحالف، كنا نظن أنه هو الذي يقف وراء تصعيد المقاومة المسلحة في العراق، وهو الذي يصب عليها الزيت كلما وهنت نارها·
لكن بعد أن أصبح صدام رهن الاعتقال، وغدا لا حول ولا قوة له، تأكد لنا أنه بريء من التهمة، وتأكد لنا أيضا أن صدام ليس هو مؤسس هذه المقاومة، والذي يجعلنا نعتقد ذلك هو: الظروف والكيفية التي وجدوا صدام عليها عندما تم القبض عليه، وهو زابن أو مختبئ بحفرة، وكل همه أن ينجو بحياته فقط من “شباك” قوات التحالف·
بعد ذلك دار في أذهان البعض أن المدعو عزة إبراهيم هو الذي يدير المقاومة، لكن بعد السقوط المأساوي لصدام ونجليه و90 في المئة من رجال حكمه، كل ذلك جعلنا نجزم على أن عزة إبراهيم ليس هو المخطط للمقاومة العراقية، لأن هذا العجوز الذي أصبح آيلا للسقوط نتيجة لما يعانيه من شيخوخة وأمراض شتى، لا يمكن أن يكون هو مهندس المقاومة المسلحة في العراق، فهو ليس أشجع ولا أدهى من صدام حسين، فهو لو وجد الفرصة السانحة للهروب من بغداد لما تأخر دقيقة واحدة، فهو أيضا ليس أقدر ولا أشجع من بقية رجال الحكم الذين تم القبض عليهم أو استسلموا تلقائيا لرجال قوات التحالف، كما أنه لا يستطيع أن يخطط للمقاومة العراقية المتزايدة في شن حرب العصابات على عساكر قوات التحالف، التي دخلت مرحلة جديدة حيث أصبحت تستهدف كل من يتعاون مع قوات التحالف، سواء كان من المدنيين أو من العسكريين، بدءا من شرطي المرور الى رئيس مجلس الحكم العراقي، دون استثناء أحد·
إن المقاومة المسلحة باتت تضرب المدنيين في العراق بل وأصبحت تعرقل مخطط إعادة إعمار العراق، وانسحاب قوات التحالف في الوقت المقرر لها، فضلا عن أن هذه المقاومة السلبية التي لا يعرف لها هوية، ولا لمصلحة من تعمل وتقتل المدنيين، وكل ذنبهم أنهم يعملون في إطار دولي لإعادة إعمار واستقرار العراق، وكسب رزقهم ورزق أسرهم، والتخفيف من ظاهرة البطالة·
على كل حال إن المقاومة العراقية المسلحة لن تحقق للشعب أهدافه خصوصا بعد سقوط الطاغية، فهذه المقاومة لن تطيل أو تقصر في عمر احتلال العراق وتنميته·
فلماذا لا تعطي المقاومة الفرصة لمجلس الحكم وكل آليات المجتمع المدني ليحققوا المحبة والصداقة والسلام في بلاد الرافدين·
yahya@taleea.com |