رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 10 ربيع الآخر 1426هـ - 18 مايو 2005
العدد 1678

التغيير في البلدان العربية!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

تصاعدت حدة المطالبات في أكثر من بلد عربي خلال الآونة الأخيرة داعية الى إنجاز إصلاحات وتغييرات سياسية للخروج من حال الجمود المخيم على الواقع في هذه البلدان، وتفاعل مع هذه الدعوات أكثر من طرف، أو فصيل، سياسي في مختلف المجتمعات العربية من اليمين التقليدي أو من اليسار بمختلف طروحاته·· ومن أبرز الأوضاع التي تشهد حالا من الاستنفار السياسي تلك الجارية في مصر وسورية·· ولا شك أن الجمود الذي تعاني منه كل من سورية ومصر قد طال أمده وأصبح من الضروري على النظامين الحاكمين في كلا البلدين إنجاز عملية مراجعة وتقييم للتوصل الى مبادرات للإصلاح بحيث تجري دون إثارة عنف وفوضى لا يمكن التنبؤ بنتائجهما·

وغني عن البيان أن تجارب الإنسانية على مدى التاريخ المدون والمعروف تؤكد أن استمرارية النظام السياسي دون تغيير أو تبديل لزمن طويل لا بد أن تعزز عوامل الفساد والتهتك والاندفاع نحو الشمولية والاستبداد·· وحتى في البلدان الديمقراطية التي تجرى فيها انتخابات برلمانية أو رئاسية شفافة يجنح الحزب الحاكم إذا تم التجديد له لدورات عدة الى الاستبداد بشكل أو بآخر أو الترهل أو على الأقل التعامل باستخفاف بالملاحظات أو الانتقادات لأداء الوزراء أو أعضاء الحزب·

ومما لا جدال فيه أن النظامين السياسيين الحاكمين في مصر وسورية عانيا من طول مدة استمرارهما في الحكم دون منافسة سياسية مشروعة على أسس ديمقراطية، ولذلك لم يسعيا الى إصلاح بنيتهما أو التجديد للقيادات أو تعديل برامج الحكم في مختلف المجالات· فمثلا ظل النظام المصري يحكم منذ ثورة 23 يوليو (تموز) عام 1952 دون منافسة من أي طرف سياسي نظرا لطبيعة الحكم وعدم توافر قنوات ديمقراطية حقيقية، وقد يقول قائل بأن مصر حكمها ثلاثة رؤساء منذ 23 يوليو وبعد سقوط الملكية هناك، لكن ما هو حقيقي أن النظام السياسي ظل شموليا وتسيد الحزب الحاكم في كل الأنشطة السياسية والاجتماعية والاقتصادية·· ولم تفلح التعديلات، التي بدأت في عهد الرئيس أنور السادات والذي سمح بقيام المنابر السياسية التي تحولت الى أحزاب سياسية، لم تفلح في تحقيق تعددية حزبية واعدة يمكن أن تؤدي الى إمكانية تداول السلطة· وحتى يومنا هذا ومنذ طرح تلك التعديلات في عام 1976 لا يزال تمثيل المعارضة في مجلس الشعب أو مجلس الشورى المصريين دون مستوى الطموح لتوفير معارضة برلمانية متمكنة وقادرة على تعديل طروحات الحزب الحاكم·

ولم يقتصر الأمر على مسألة الحكم والمجال السياسي فلقد انسحب ذلك على الأوضاع الاقتصادية التي ظلت غير قابلة للتطور باتجاه إعادة الهيكلة والإصلاح وتحرير الملكية في المؤسسات الأساسية، وإذا كانت المعارضة المصرية قد تمكنت من إقناع الرئيس حسني مبارك في القبول بعقد انتخابات رئاسية تعددية في الخريف المقبل، وعلى أثر ذلك تم تعديل الدستور ليتوافق مع ذلك الاستحقاق فإنها لا بد أن تكون ممتنة للتحولات العالمية التي أكدت على أهمية الإصلاح السياسي في البلدان العربية·· بيد أنه حتى هذا التعديل مازال دون الطموح وهو مقيد بشكل تعجيزي، لكن هل هناك معارضة مصرية تستطيع أن توفر بدائل ديمقراطية تعزز الانطلاق نحو إصلاحات عصرية في مصر؟ لقد ظهرت حركة "كفاية" وهي حركة عفوية اعتمدت على مشروع حزب "الغد" وتمكنت من جذب عناصر كثيرة من مختلف فئات المجتمع المصري، وهي فئات حضرية بالدرجة الأولى·· أما الطرف الآخر في معادلة المعارضة المصرية فهو حركة "الإخوان المسلمين" التي تملك رصيدا تاريخيا مهما في عملها السياسي وتصادمها مع النظام المصري منذ بداية الثورة في يوليو 1952، وقبل ذلك إبان العهد الملكي·

هذه الحركة لا تزال بعيدة عن التفاعل مع متطلبات العصر وما زالت محكومة بقيم سياسية رجعية ولم تزل الحركة تنظر للعالم الخارجي بنظرة الشك والريبة وذهنية الصدام الحضاري، هل يمكن التعويل على مثل هذه الحركة لإنجاز تحولات ديمقراطية في مصر في ظل قيمها الاجتماعية وفكرها السياسي الشمولي؟ إن مثل هذا التساؤل يطرح على الحكم في مصر تحديا لمواجهة استحقاقات الإصلاح بمبادرات شجاعة وغير مترددة وتتجاوز المصالح الصغيرة التي تحكم أطرافا في النظام·

أما الوضع في سورية فإنه أكثر تعقيدا، لا شك أن الكثير من الديمقراطيين في سورية قد راهنوا على عملية إصلاح واسعة برعاية الرئيس بشار الأسد، وهو ما كان مأمولا، لكن الأمور لم تسر كما كان يطمح أولئك الديمقراطيون السوريون· كذلك فإن النظام الحاكم في سورية قد مر عليه 42 عاما في السلطة دون أن يتبدل نظام الحزب الواحد، وإذا كانت الظروف الآن المحلية والعربية والدولية تفرض تغييرا في ذهنية الحكم فإن اجتماع حزب البعث في مؤتمره المقبل في شهر يونيو المقابل لا بد أن يحدد التوجهات في ذهنية النظام الحاكم·

في سورية أيضا هناك بوادر لمعارضات سياسية جديدة تعتمد على منظمات المجتمع المدني والمنظمات المعتنية بحقوق الإنسان، وهي منظمات أصبحت ذات صوت عال في مطالبها الإصلاحية، وهناك، أيضا، الإسلاميون بقيادة "الإخوان المسلمين" الذين اصطدموا في الثمانينات مع نظام حزب البعث، هل يمكن أن نتوقع أن تتبلور الأوضاع لتوافق بين أطراف المعارضة على أسس منهجية ويتفادى الصراع المحتمل إذا ظلت الأوضاع ساكنة دون تغيير؟

إن مصر وسورية بلدان عربيان أساسيان في عملية التطور وهما قادران على انتشال الأوضاع العربية من محنتها الراهنة والاندفاع نحو الإصلاح السياسي الذي سيقود الى إصلاحات اقتصادية وثقافية وتعليمية تمكن تحقيق نهضة عربية في النصف الأول من القرن الحادي والعشرين·· هذا التحدي يؤكد أهمية التحرر من عقدة الخوف من الديمقراطية والتوقف عن الحديث حول مخاطر وصول قوى أصولية أو معادية للديمقراطية لأن تلك القوى لن تتمكن في عصرنا هذا، وفي ظل حياة ثقافية حرة وإصلاحات منهجية أن تستقطب الجماهير حيث إنها لا تملك المشروع الحضاري، كما أن إنجاز عملية السلام في المنطقة بموجب الشروط المعتمدة من الأمم المتحدة لا بد أن تسخر كل الطاقات والموارد من أجل إنجاز الإصلاحات السياسية والاقتصادية المنشودة·· بيد أن هذه العملية الإصلاحية العتيدة لا بد أن تعتمد على ثقافة جديدة متصالحة مع الآخرين وبعيدة عن الثقافة العربية الراهنة المتوجسة من الآخرين بما يعطل ملكات الإبداع والإنجاز الحضاريين·

ü باحث اقتصادي كويتي

tameemi@taleea.com

�����
   

من أين تأتي الحرب إذن؟:
أحمد حسين
الحوار مع الحركات الإسلامية:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
من الملف البحريني!!:
سعاد المعجل
مجموعة "هيرميس":
محمد هزاع المطيري
"الراي".. وحرية التعبير عنه:
عويشة القحطاني
فليسقط أعداء الديمقراطية:
محمد بو شهري
حل المجلس قراركم أم رغبة الشارع؟:
يوسف مبارك المباركي
عمرت الأوطان بحب البلدان:
عبدالخالق ملا جمعة
التغيير في البلدان العربية!:
عامر ذياب التميمي
عنف خرج من عقاله:
د. محمد حسين اليوسفي
ما هذا التدني في الطرح؟:
سالم فهد الرسام
الديمقراطية سنّة التطور:
مسعود راشد العميري
أطلس فلسطين:
عبدالله عيسى الموسوي
وين راحوا...؟:
على محمود خاجه
سيادة النائب.. أنت لا تمثلني:
د.ابتهال عبدالعزيز أحمد
من أجل مدينة خضراء:
عبدالله العبدالعالي
"المسكينة.. تاهت حقوقها":
علي غلوم محمد
من هنا يأتي الفساد:
عبدالحميد علي
سياسة الأقنعة:
فيصل أبالخيل