جاء تأسيس مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية عام 1994 في توقيته المناسب قبيل أحداث سبتمبر 2001 ببضع سنوات ومع وقت تفاقمت خلاله وتعقدت أوضاع المسلمين الأمريكيين والجاليات المسلمة في الولايات المتحدة·
وقد أنشئ هذا المجلس المعروف بالإنجليزية اختصارا: “كير” بمبادرة من الشخصيات والرموز الإسلامية والعربية منها بوجه خاص والتي تتمتع بوعي ديمقراطي وحقوقي متقدم في إطار انتمائها للفكر الإسلامي المستنير المعتدل بعيدا عن الغلو والتطرف والتزمت، ومن ثم فإن “كير” يهدف الى نشر قيم الوجه الإنساني الرحب للإسلام المنسجم مع روح العصر وتوعية الرأي العام الأمريكي بهذه الصورة للإسلام بدلا من الصورة المشوهة فضلا عن توعيتهم بقضايا الإسلام والمسلمين في القارة الأمريكية وذلك من خلال حملات التوعية والضغط لضمان حرية ممارسة المسلمين لعباداتهم ومن خلال ملاحقة وسائل الإعلام الغربية لنشر هذه القضايا وفضح منتهكي حقوق المسلمين وتصحيح المفاهيم المغلوطة عنهم·
هذا فضلا عن عقد الدورات والمؤتمرات في هذا الشأن باللغتين العربية والإنجليزية وعقد لقاءات دورية مع مسؤولي الإدارة الأمريكية وأعضاء الكونغرس بمجلسيه·
وقد برز “كير” في الشهور القليلة الماضية في وسائل الإعلام العالمية بعد تكثيف حملاته من أجل تحسين أوضاع المسلمين وحماية حقوقهم كالحملة التي نظمها تحت شعار “مليون من أجل الإسلام” لجمع مليون دولار خلال رمضان المنصرم من أجل قضايا الإسلام والمسلمين، علما أن “كير” يقدم خدماته مجانا للمسلمين في أمريكا، هذا الى جانب حملته لتشجيع الإعلام الأمريكي على الاهتمام بتغطية عادات وبرامج حياة المسلمين خلال مناسباتهم وأعيادهم الكبرى كعيدي الفطر والأضحى والمولد النبوي والإسراء والمعراج·
في مقر “كير” بواشنطن العاصمة كان لي لقاء مفيد مع المدير التنفيذي للمجلس نهاد عوض وهو شخصية عربية من أصل فلسطيني وقد تجاذبت معه في هذا اللقاء أطراف الحديث والحوار حول كل ما يتعلق بفكرة تأسيسه وأهدافه ودوره في الدفاع عن حقوق العرب والمسلمين في الولايات المتحدة وتوعيتهم بحقوقهم السياسية والمدنية المكفولة دستوريا وأهمية تمسكهم بها في وجه أي انتهاكات، كما تطرق الحوار الى المصاعب التي تواجه “كير” وأوجه الإخفاقات والنجاحات التي حققها من خلال ضرب أمثلة ومواقف عيانية·
وقد شرح لي عوض كيف أن ما يتضمنه الدستور الأمريكي والتقاليد والأنظمة الديمقراطية السارية يكفل حدا أدنى معقولا أو أكثر للحصول على حقوقنا بطريقة هادئة وحضارية إذا ما وعينا بهذه الحقوق المكفولة وعرفنا سلك القنوات والطرق المشروعة لنيلها وللدفاع عنها مهما بدت هذه القنوات والطرق موصدة أمامنا أو معقدة·
ولم يتوان عوض عن إدانته لكل أشكال الإرهاب التي ترتكب في أمريكا وخارجها، وحض المسلمين والعرب على الاندماج الكامل في المجتمع الأمريكي واحترام القوانين والأنظمة السائدة المرعية في الولايات المتحدة·
وفي هذا الصدد أكد لي نهاد عوض: أن مسألة “المواطنة” محسومة فنحن جزء لا يتجزأ من الشعب الأمريكي بنسيجه متعددة الثقافات والإثنيات والقوميات والأديان دون تصادم أو تناقض مع اعتزازنا بانتماءاتنا وهواياتنا الدينية والقومية الأصلية·
واشتكى لي محدثي ضعف تعاون السفارات العربية والإسلامية والجامعة العربية معهم فيما يتعلق بقضايا العرب والمسلمين هناك، وحينما سألته عما إذا يوجد تنسيق وتعاون فيما بينهم وبين المنظمات المدنية الأخرى المعنية بحقوق العرب والمسلمين أكد وجود هذا التنسيق·
وكتدليل على أهمية الرسالة التي يضطلع بها مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية “كير” في الدفاع عن حقوق المسلمين في الولايات المتحدة أوضح لي عوض أن لديهم 25 مقرا في 25 مدينة وولاية ومنطقة ويقدر عدد أعضاء المجلس بالآلاف حيث آثر عدم البوح بالرقم النهائي لحجم العضوية·
يبقى القول إن هذه الشخصية العربية الفلسطينية “نهاد عوض” مثيرة للإعجاب بما تمتلكه من لغة حضارية هادئة في الحوار معها وقدرة على الإقناع وتوصيل الفكرة مما يعزز نجاح “كير” في تأدية رسالته المهمة الصعبة·
ü كاتب بحريني |