رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 29 شعبان 1425هـ - 13 أكتوبر 2004
العدد 1649

الزهور والظلام
رضي السماك
* ???? ??????

ربما لم تحتف أمة من الأمم بالزهور والورود كما احتفى العرب بها، فهم الذين شغفوا بها أيما شغف وجعلوا منها رمزا للسعادة والبهجة والتفاؤل في حياتهم، وزينوا بها مقتنياتهم ومساكنهم ومحلاتهم العامة وحفلاتهم وأفراحهم العامة منها والخاصة كما اتخذوها وسيلة لتبادل الإعراب عن المحبة والمودة فيما بينهم مثلما اتخذها العشاق كذلك فيما بينهم·

ويزخر تراثنا العربي - الإسلامي بشواهد ونماذج لا تحصى لتغلغل الورود والزهور في صميم وجداننا وحياتنا الاجتماعية والثقافية بل السياسية كذلك فمن القصائد والأشعار والأغاني التي تتغزل بالورود والأزهار حدث ولا حرج ومثلها الحسناوات اللواتي يُكنين بها وسمى الكثير من العرب مولوداتهم بها·

ويعد الشعب العراقي من أكثر الشعوب العربية ارتباطا وولعا بالورود حيث كان العراق يزخر منذ القدم بشتى أنواع الزهور والورود لعل أشهرها الآن ما يعرف بـ "الورد الجوري" - الأحمر القاني - وقد تغني فنانو هذا الشعب بالورد فترنم ناظم الغزالي "أحبك أحبك·· وأحب كل من يحبك وأحب الورد جوري لأنه بلون خدك" وأطرب حضيري أبو عزيز الملايين بأغنيته الجميلة "عمي يا بياع الورد··"·

وثمة كثرة كاثرة من ألقاب العراقيين مستمدة من الورد كعالم الاجتماع الراحل علي الوردي وكأستاذ جامعة بغداد اللغوي المرحوم عبدالأمير الورد، وكان مؤلف كتاب "الأحكام السلطانية" يعرف بـ "أبو الحسن الماوردي" وغيرها من ألقاب العائلات التي لا تعد·

وفي القرآن الكريم أكثر من موضع لذكر الورد في آياته ففي سورة هود "فأوردهم النار وبئس الورد المورود" وفي سورة الرحمن: "فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان" ومن الآثار التراثية البارزة فيما قيل عن الورد وفضائله "فضل الورد على النرجس" لابن لنك و"فضائل الورد على النرجس" لابن طيفور·

وبعدما كانت عادة وضع الرياحين "المشموم" على القبور جزءا من تقاليدنا الدينية الشعبية أضيفت إليها منذ سنوات خلت عادة وضع الزهور، كما أن تعطير الضيوف بماء الورد في حفلات المسرات والأتراح هو الآخر من صميم تراثنا الشعبي إلى يومنا هذا·

ولئن كانت للورود أكثر من معنى مثل: نور الشجر، الزعفران، أنوار البساتين، الربيع والرواء، فإن الزهور اشتق منها الفعل زهر ويعني ضمن ما يعني الوجه تلألأ وأضاء، والزهرة - وهي مفرد الزهور - تعني ضمن ما تعني الحسن والبهجة·

إن أمة تزخر بكل هذا التراث الزاهر حول الورود والزهور هل غريب عليها إذا ما اتخذت منها رمزا في إهدائها لمرضاها تعبيرا عن أصدق تمنياتها القلبية لهم بالشفاء حتى بافتراض إذا كان هناك من سبقها في هذا التقليد الجميل من غير المسلمين؟!

وهل هناك أصدق تعبير من الزهور في إدخال البهجة على المريض وبث التفاؤل في نفسه بالشفاء وهو نزيل مسجون في غرفة معالجته بالمستشفى؟!

لكن من يصدق أن هناك في هذا العصر العربي الرديء من تفتقت عبقريته "الاجتهادية" ليفتي لنا بأن عادة إهداء الزهور والورود إلى المرضى بدعة "وافدة من بلاد الكفر" ويصفها بأنها "تشبه بالكفار" ولا يجوز للمؤمن التفاؤل بها من أسباب الشفاء ولو من الناحية المعنوية النفسية والتي تؤثر في أمراض الإنسان النفسية والبدنية على حد سواء: "الاعتقاد الفاسد بهذه الزهور من أسباب الشفاء"؟!

ذلك بأنه قد اجتمع ثلاثة "علماء" لإقرار هذه الفتوى العجيبة في بلد هو الآن من أشد البلدان العربية معاناة من الغلو والإرهاب دون أن نسمع حتى الآن ردود فعل من قادته على الفتوى الغريبة التي تسيء إلى هذا البلد كما تسيء للإسلام والعرب·

شخصيا ظللت لأسابيع خلت لا أصدق هذه الفتوى وظننتها لشدة غرابتها من باب مبالغات "العلمانيين" بحق "الإسلاميين" حتى وقعت عيناي على نصها الكامل الموثق بالصورة عن الأصل في صحيفة "الطليعة" الكويتية فصعقت مذهولا لحقيقتها وأخذت أحملق في سطورها مرات ومرات·

وشخصيا أكره وصم كل "الإسلاميين" بالظلام أو الظلامية لكن إذا ما كان من بينهم نفر كهؤلاء من ذوي التفكير الضيق فهل ثمة نعت يليق بهم أفضل من ذلك النعت؟

ولا يسعنا والحال كذلك وقد استبد بهم الجهل الى هذا الدرك سوى أن نقول لهم مع الأغنية المصرية الرائعة: "شوف الزهور بقى واتعلم·· بين الحبايب تعرف تتكلم"·

�����
   
�������   ������ �����
قضية المرأة البحرينية
الإرهاب وصناعة "المجانين"!
قراءة أولية في الانتخابات العراقية
بئر الحرمان
أقوى دول العالم.. أغباها!
"تسونامي" بين الإغاثة والسياسة
من الأخطاء القاتلة للحركة السياسية البحرينية
اعتذار متأخر جداً!
فرنسا و"المنار"
العرب في ثلاث قوائم عالمية
الفساد الإفريقي والطفرة النفطية
كوبا بين التكيف والانهيار
مغزى فوز "ماثاي" بنوبل للسلام
كم يبدو العالم جميلا بتعدديته الثقافية الإنسانية؟!
القانون الأمريكي بعصمة اليهود!
قدسية العلم الوطني
دروس إغلاق "العروبة" البحريني
حماية المستهلك في البحرين
الزهور والظلام
  Next Page

إدارة الزراعة.. إلى أين؟:
مبارك البغيلي
إصلاح "لعبة الإصلاح":
د·أحمد سامي المنيس
حلوا لجنة تطبيق أحكام الشريعة... و"فكونا":
عبداللطيف الدعيج
سكوت الحكومة "فتنة":
د.عبدالمحسن يوسف جمال
نسوة "الائتلافية":
سعاد المعجل
"العدل" ترد على مقال نايف العتيبي:
المحامي نايف بدر العتيبي
مفاهيم جار عليها الزمن: حكومي·· أم غير حكومي؟:
د. سامي عبدالعزيز المانع
القيادي الحقيقي:
محمد بو شهري
الأسواق المالية الخليجية!:
عامر ذياب التميمي
ما أجمله من حلم!:
فهد راشد المطيري
لن أتكلم(2):
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
مسكينة يا مصر:
د. محمد حسين اليوسفي
الهاجس الأمني:
مسعود راشد العميري
ارحموا الكويت··!:
محمد جوهر حيات
الإرهاب الفكري.. والحصاد المر:
جابر العلاطي
فساد برسم القانون:
عبدالحميد علي
حقائق موثقة:
عبدالله عيسى الموسوي
"ليش مو لابس طاقية؟":
فيصل عبدالله عبدالنبي
مطالبة تستحق التأمل:
عبدالخالق ملا جمعة
الزهور والظلام:
رضي السماك