رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 13 رمضان 1425هـ - 27 اكتوبر 2004
العدد 1651

دروس إغلاق "العروبة" البحريني
رضي السماك
* ???? ??????

لا جدال في أن غياب نادي العروبة عن الساحة الثقافية والفكرية السياسية لهو خسارة فادحة للعمل الثقافي والفكري السياسي الوطني العام، وذلك لما هو معروف من دور وطني مشهود كبير ساهم به هذا النادي في هذا المجال على امتداد تاريخه العريق منذ ستة عقود ونيف·

وإذ يتفق المثقفون البحرينيون جميعهم اليوم على اختلاف انتماءاتهم من أقصى اليمين الى أقصى اليسار محافظين ومعارضين، مشاركين ومقاطعين، على الشعور المشترك بالأسى والحزن لقرار الإغلاق أيا كانت دوافعه ومسبباته فإنه لا ينبغي للنخبة المثقفة البحرينية ومؤسسات المجتمع المدني بوجه عام ونادي العروبة بوجه خاص أن تمر عليهم هذه الإشكالية العصيبة التي تضرر منها الجميع دون استخلاص الدروس والعبر لكي لا يتكرر لأي مؤسسة مدنية أخرى مستقبلا لا سمح الله ما حدث لنادي العروبة·

وبادئ ذي بدء يسجل لهذا النادي إدارة وأعضاء بأنه على امتداد هذه العقود الطويلة الحافلة بالأحداث والمتغيرات والظروف العصيبة التي واجهت الأنشطة السياسية والثقافية في البلاد استطاع أن يحافظ على قدر معقول من المرونة المتفاوتة تبعا للظروف والمتغيرات التي مرت بها الساحة السياسية والجبهة الداخلية، وبفضل هذا النهج من الواقعية وتحاشي الاصطدام المباشر مع السلطة تمكن من تفادي إغلاقه وكسبت ساحة العمل الثقافي - الفكري العام صرحا مهما استفادت منه عامة النخبة السياسية والمثقفة حتى في أحلك الظروف إبان سريان قانون أمن الدولة السابق الملغى، وبسبب هذا النهج الواقعي الحصيف - الذي عجزت عن انتهاجه أندية أخرى وقعت في محذور التسييس الحزبي البحت المباشر وتبنت مواقف وشعارات صدامية مع السلطة فكان أن أغلقت - نجح النادي في رفد النخبة المثقفة بنشاطه الثقافي والفكري العام حتى في أحلك ظرف عرفته الساحة الثقافية البحرينية في ظل سريان قانون أمن الدولة في حقبة أحداث التسعينيات المؤسفة الى درجة دفعت البعض للطعن في وطنيت إداراته أو إثارة الشكوك في مواقف النادي الوطنية من تلك الأحداث حينذاك، وهكذا فقد استفادت النخبة المثقفة بندوات ثقافية وفكرية مميزة لكوكبة عريضة من المثقفين والمفكرين والباحثين العرب حتى في عز تلك الظروف الصعبة·

وبهذا المعنى لم يكن النادي على مدى ربع قرن طوال سريان قانون أمن الدولة وحتى ما قبل أربع سنوات خلت يعرف عنه احتضان وتنظيم الفعاليات ذات الشأن السياسي المحلي العام ولاسيما الحساسة منها اللهم أندر الأحوال، على عكس الأندية التي عرف عنها تبنيها هذا الشكل أو ذاك لمثل هذه الفعاليات فكان أن دفعت ضريبة الإغلاق بصرف النظر عن تفاوت حجم المسؤولية فيما بينها وبين السلطة حينذاك في مسببات الإغلاق·

وهكذا، ومع عشية إعلان المشروع الإصلاحي قبل ثلاث أو أربع سنوات فقط بدت سياسة النادي تميل الى التقليل من الفعاليات والندوات الفكرية التي تستضيف خلالها في الغالب رموزا فكرية عربية واتجهت لتغليب استضافة الفعاليات والندوات السياسية ذات الشأن المحلي ومن ضمنها على وجه الخصوص المعروفة بحساسيتها وارتفاع درجة الحرارة في الحوارات حولها، وسواء جاءت الاستضافة عبر تبني الإدارة نفسها احتضان وتنظيم الفاعلية السياسية أو عبر استضافة مقر النادي للفعالية بتنظيم من جهات وجمعيات بحرينية أخرى، وهنا وبعد وقوع الفأس في الرأس تطرح نفسها جملة من التساؤلات المنطقية كمقدمة ووسيلة لاستخلاص الدروس واتعاظ العبر:

لماذا وقع هذا النادي العريق المعروف بواقعيته واتزانه في المحذور الذي لم يقع فيه حتى في أحلك الظروف خلال سريان قانون أمن الدولة السابق؟! كيف استطاع هذا النادي الكبير وبمهارة من المرونة أن يتجنب الاصطدام مع الحكومة بل أن يحافظ على حبل من العلاقة والتفاهم معها ثم يعجز عن نسج هذه المرونة في ظل الانفراج السياسي والمشروع الإصلاحي فيصبح الحبل مجرد شعرة معاوية تم قطعها؟ ولماذا حتى أكثر الجمعيات السياسية تشددا لم تقع حتى الآن في محذور ما وقع فيه نادي العروبة؟!

لعبت مجموعة من العوامل الموضوعية والذاتية المتشابكة منذ انطلاقة المشروع الإصلاحي في خلق الظروف التي أفضت الى أن تجد إدارة نادي العروبة نفسها - من دون قصد منها ولسوء تقدير الحسابات الدقيقة - في موقف صدامي صامت مع السلطة انتهى بإغلاق النادي، وكان هنالك على الأقل ثلاث ندوات وفعاليات سبقت الندوة الأخيرة أثارت امتعاض وحساسية الحكومة الشديدين بدرجة امتعاضها وحساسيتها نفسها مما أثير في الندوتين الأخيرتين من زوابع "ندوتي العراق، والفقر"·

وأرادت السلطة كما يبدو أن ترسل من خلال إبداء امتعاضها الشديد مما دار في تلك الندوات إشارات تحذيرية لإدارة النادي لكن بدا أن هذه أساءت تقدير جديتها "من بين هذه الندوات على وجه الخصوص الندوة التحشيدية حول التجنيس، والندوة الخاصة بمشكلة التمييز"·

وهكذا ضيع النادي على نفسه من دون قصد فرصة ضبط حدود مساحة وقواعد اللعبة السياسية المسموح بها على مسرحه وهو الذي طالما برع في هذا الضبط عقودا طويلة حتى في أصعب الظروف السياسية إبان سريان قانون أمن الدولة السابق، وهكذا أصبح مسرح النادي ملعبا مضيافا بلا حدود ليلعب عليه كل من هب ودب من قوى المعارضة البحرينية بلا استثناء المقاطعة والمشاركة، المتطرفة المتشددة والمعتدلة، النخبوية والعوام، ولم تنتبه الإدارة لخطورة فتح مسرح النادي على مصراعيه ليلعب عليه كل هذا الحشد من اللاعبين السياسيين من دون استثناء، فكان أن دخل الملعب لاعبون عديمو الخبرة السياسية هاجسهم الأول طلب البطولات والتصفيق أكثر من هاجس كيفية إتقان فن ممارسة المعارضة وفق الهامش المتاح بما يوصل الفكرة نفسها أو الموقف المراد إيصاله دونما حاجة للمداخلات اللغوية الاستفزازية الساخنة، وهو ما عرض إدارة النادي غير مرة للحرج الشديد مع الحكومة، ولم تكن هذه الإشكالية بالحدة نفسها والاتساع في الجمعيات الأخرى حيث لم تكن مسارحها مفتوحة لكل قوى المعارضة لتلعب عليها كيفما تشاء، وحيث كان هناك حرص متفاوت الأحجام من الغريزة الفطرية الذاتية لدى كل جمعية لحماية نفسها من محذور الإغلاق·

ومن الواضح جيدا بناء على ما تقدم أن النادي الذي أصاب تقدير حدود اللعبة طوال حقبة قانون أمن الدولة قد فشل في تقدير حدود هذه اللعبة في المرحلة الجديدة الطرية من الانفراج السياسي والمشروع الإصلاحي لجلالة الملك، ويمكن القول إن الأزمة برمتها تعكس بامتياز الإشكالية التي تقع فيها عادة مؤسسات المجتمع المدني العربية حينما تسخر أو تصبح واجهة لحزب من الأحزاب ويغلب عليها التسييس الفج بحيث تضيع الفواصل بين ما هو سياسي وحزبي وبين ما هو من صميم رسالة ومهام المؤسسة المدنية العامة فتتداخل الأدوار الحزبية والمدنية لدى العضو الإداري الذي عادة ما يغلب مصالح الأولى على الثانية ويخضع هذه الأخيرة لمقتضيات الأولى، ويزيد الأمور تعقيدا حينما يكون الاتجاه الحزبي المسيطر على الإدارة طرفا - كما في "العروبة" - منخرطا في جبهة سياسية من التحالفات فيخضع المؤسسة المدنية التي يسيطر عليها ليس لأهوائه السياسية الحزبية فقط بل ولأهداف التحالف الذي هو طرف فيه فتجير مصالح المؤسسة المدنية للاعتبارات الحزبية في المقام الأول ثم للاعتبارات الجبهوية في المقام الثاني ثم للاعتبارات المدنية العامة في المقام الأخير، وهي هنا جبهة التحالف الرباعي الذي قاطع الانتخابات·

وعلى سبيل المثال فإنه ما كان ينبغي استضافة بعثي عراقي متشدد مثير للجدل ألا وهو عوني القلمجي أحد ضباط الجيش العراقي السابق في ظل موقف شعبي ورسمي عارم معارض للنظام السابق ولغزوه الكويت "تغليب الاعتبارات الحزبية"، كما لم تكن الأزمة قد تحصل لو أرجأ النادي استضافة شخصية حقوقية - ذات اتجاه حزبي معروف - في هذا الظرف الحساس الذي تشهد خلاله مواقفه المتشددة من السلطة حساسية هذه الأخيرة وامتعاضها المتزايد ولاسيما أن ثمة إجماعا من كل قوى المعارضة المقاطعة والمشاركة بعدئذ على انتقاد أسلوب المداخلة التي أدلى بها في ندوة "الفقر" (تغليب الاعتبارات الجبهوية التحالفية)·

مهما يكن فإن كل الغيورين على مكاسب مؤسسات مجتمعنا المدني يحدوهم الأمل بقوة في أن تنقشع هذه السحابة بأسرع وقت فيعاد فتح النادي و"المركز" ويفرج عن الناشط الحقوقي حيث يتوقع بأن تبادر قيادتنا السياسية الحكيمة الى خطوة كريمة متسامحة من هذا القبيل في رمضان المبارك أو في عيد الفطر على الأبعد، وتظل الحاجة لاستخلاص الدروس والعبر المستفادة من الأزمة ملحة ومهمة·

�����
   
�������   ������ �����
قضية المرأة البحرينية
الإرهاب وصناعة "المجانين"!
قراءة أولية في الانتخابات العراقية
بئر الحرمان
أقوى دول العالم.. أغباها!
"تسونامي" بين الإغاثة والسياسة
من الأخطاء القاتلة للحركة السياسية البحرينية
اعتذار متأخر جداً!
فرنسا و"المنار"
العرب في ثلاث قوائم عالمية
الفساد الإفريقي والطفرة النفطية
كوبا بين التكيف والانهيار
مغزى فوز "ماثاي" بنوبل للسلام
كم يبدو العالم جميلا بتعدديته الثقافية الإنسانية؟!
القانون الأمريكي بعصمة اليهود!
قدسية العلم الوطني
دروس إغلاق "العروبة" البحريني
حماية المستهلك في البحرين
الزهور والظلام
  Next Page

شفافية فساد الحكومة:
د·أحمد سامي المنيس
صح النوم:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
تكفه يامخلد..
تكفه يالحماد:
عبداللطيف الدعيج
الأكذوبة!!:
سعاد المعجل
الحقيقة نور:
محمد بو شهري
من هم المتخلفون؟:
فهد راشد المطيري
الدين والقبيلة "والطريق إلى كابول":
د. سامي عبدالعزيز المانع
التحدي الحضاري!:
عامر ذياب التميمي
ISO الداخلية و السلطة واو:
مسعود راشد العميري
محاربة الفساد:
المحامي نايف بدر العتيبي
مجازر "أيام الندم":
عبدالله عيسى الموسوي
ماذا تريد أمريكا من إيران؟:
موسى داؤود
"موو بس بالكلام"!:
عبدالخالق ملا جمعة
هل للفساد من نهاية؟:
عبدالحميد علي
صناعة الحياة أم الكراهية؟:
فيصل عبدالله عبدالنبي
دروس إغلاق "العروبة" البحريني:
رضي السماك