وفقا لمسح أجرته مؤخرا اللجنة الاقتصادية التابعة للأمم المتحدة فإن أربع دول إفريقية هي كل من تشاد وأثيوبيا وكينيا و"سوازيلاند" هي الأكثر فسادا وضعفا في التمثيل الشعبي وسوءا في إدارة الاقتصاد، فقد جاءت هذه الدول في ذيل لائحة تضم 28 دولة أعدتها الأمم المتحدة لقياس مدى فساد أو صلاح حكومات هذه الدول سواء فيما يتعلق بالحد الأدنى من كفاية التمثيل السياسي، أم فيما يتعلق بإدارة الاقتصاد، أم فيما يتعلق بصيانة حقوق الإنسان·
وصرح كينجلسي أموكو المدير التنفيذي للجنة الاقتصادية المشار إليها بأن الحكومات الإفريقية بحاجة إلى بناء مؤسسات ديمقراطية أكثر قوة·
وتشير نتائج المسح إلى أن قلة فقط من الأفارقة هم الذين يثقون في شرطة بلادهم، ولا يعتقدون أن جهاز الخدمة المدنية فيها يتسم بالشفافية والعدل والكفاءة، وقال ثلث الأشخاص إن برلمانات بلدانهم ضعيفة وفاشلة في مراقبة أداء "الحكومات" في حين أعربت غالبية المستطلعين عن عدم ثقتها في استقلالية ونزاهة الجهاز القضائي·
وقبل أيام قليلة من نشر نتائج هذا المسح نشرت الصحافة العالمية بالمصادفة تقريرا مثيرا عن مسلكيات ونزوات زعيم إحدى هذه الدول الإفريقية المصنفة بأنها الأكثر فسادا ألا وهو الملك مسواتي الثالث ملك سوازيلاند "راجع الشرق الأوسط السعودية عدد 11/9/2004" فمن طقوس هذه النزوات أنه يختار عروسا جديدة كل عام في احتفال راقص في إطار طقس ملكي تقليدي يصفه المدافعون عنه بأنه جزء من النسيج الثقافي للأمة السوازيلاندية وفي هذا الطقس - التقليد العجيب تكشف آلاف الصبايا والفتيات عن صدورهن وهن يرقصن أمامه، وتضيف الصحيفة: "وكل منهن تأمل بأن يقع اختياره عليها لتنضم إلى قطيع زوجاته"·
وعادة ما يقوم مساعدوه بتصوير الفتيات بكاميرات فيديو ليدقق هو بالاختيار بعدئذ أثناء عرض الفيلم، وهو لديه الآن 11 زوجة وخطيبة واحدة·
لكن الكثير من منظمات حقوق الإنسان وغيرها من المنظمات الدولية تحمله هو تحديدا بسبب ما ينفقه من بذخ على نزواته مسؤولية ما تعانيه بلاده من فقر وجفاف ومرض نقص المناعة المكتسبة "الإيدز"·
ومع أنه لا توجد دولة عربية إفريقية - ولله الحمد - ضمن هذه الدول الأكثر فسادا في ذيل القائمة إلا أنه لم يتضح لنا ما إذا توجد من بينها دول في صدارة أو وسط القائمة نفسها وخاصة أن المسح أجري على ما يقرب من نصف الدول الإفريقية فقط وذلك لأنها هي الدول التي سمحت بأن يشملها المسح، وربما لو كان بعضها يتوقع مسبقا هذه النتيجة - الفضيحة - لما سمح بها أصلا·
بموازاة ذلك تتواتر الأخبار منذ شهور عن طفرة جديدة في أسعار النفط بالدول المصدرة للنفط "أوبك" والتي تشمل دولا في أمريكا اللاتينية وإفريقيا والشرق الأوسط، حتى فاق سعرالبرميل الواحد الخمسين دولارا·· هذه الطفرة الجديدة أنعشت ودغدغت أحلام عدد من الإعلاميين العرب فرأوا فيها نعمة ربانية هبطت في وقتها على العرب وهم في عز أزمتهم الاقتصادية "لتمويل المشاريع التنموية ذات الطاقة التوظيفية الهائلة، وتنشيط الاستثمار الحكومي في قطاعات منتجة"·
لكن على عكس طفرة سبعينيات القرن الماضي التي لاحت "بشائرها" المخاتلة منذ البداية فإنه لا أحد حتى الآن يلمح في الأفق أية بشائر ولو مخاتلة للطفرة الجديدة، حيث الأزمات التنموية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية تراوح مكانها·· فما السر وراء ظهور "سراب" هذه الطفرة بدول "أوبك" عامة والعربية خاصة؟ وهل لتباين حجم الفساد - لا سمح الله - بين تلك الفترة وهذه الفترة دور في بطء ظهور علامات مشجعة على بشائر الطفرة الجديدة؟!
ü كاتب بحريني |