رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 3 ذو القعدة 1424هـ - 27 ديسمبر 2003
العدد 1608

الخروج من النفق!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

ظل المشهد العربي مثيرا خلال عام 2003 ورأى العرب أحداثا دراماتيكية خلال الشهور والأسابيع المنصرمة··· ولم يكن مشهد اعتقال صدام حسين إلا الأكثر دراماتيكية ومثل لهم نهاية حقبة سياسية مثيرة للشجن والبؤس السياسي والثقافي، ويمكن للمرء أن يزعم بأن هذه الحقبة لم تبدأ مع تولي الرئيس العراقي السابق السلطة في عام 1979 أو حتى وصول حزب البعث الى السلطة منفردا في يوليو عام 1968، بل سبقت ذلك وسبقت حتى الاستيلاء على السلطة في العراق في فبراير عام 1963 والتي توّجها البعثيون وأنصارهم من ناصريين وقوميين بقتل عبدالكريم قاسم، لقد توهم العرب في عقد الخمسينات بعد انهيار النظام الملكي في مصر على أيدي ضباط ثورة 23 يوليو 1952 بأن خلاصهم لا بد أن يأتي بواسطة العسكر الذين سيقيمون أنظمة عادلة تحقق التوازن الاجتماعي وتحرر بلدانهم من الاستعمار والتبعية وتمكنهم من تحقيق الوحدة العربية، ولذلك فإن الممارسات الديمقراطية الناشئة آنذاك في عدد من البلدان العربية مثل مصر وسورية والعراق والأردن لم تكن تثير اهتمامهم، أو تشكل أولوية في أجندتهم، وكانوا على أتم الاستعداد لإبدالها بأنظمة مستبدة بعيدة عن أي مشاركة شعبية، مهما تواضعت·

لذلك فقد انتصر المستبدون العرب وخلقوا قادتهم الذين لم يتوانوا عن احتكار السلطة والثروة، وإقصاء كل معارضة وتم تأميم الصحافة والثقافة والنشر واحتكر الإعلام وقضي على التعليم الحر، وجرت السيطرة على الاقتصاد وجعله موجها، وإذا كانت أجيالنا قد توهمت نجاعة ذلك المنهج فإنها، دون ريب، قد دفعت كلفة عالية مقابل تلك الأوهام التي كرست التخلف السياسي والتراجع الثقافي وعطلت التنمية وتعقدت مسألة الصراع داخل المجتمعات العربية ومع الأطراف الخارجية، وأكبر دليل على ذلك ما نال القضية الفلسطينية من تدهور، حيث لم تتمكن هذه الأنظمة العربية التي ورثت الأنظمة التقليدية من حسم الصراع بل إنها زادت من تعقيد الأمور وعطلت الحلول ودخلت في حروب ومغامرات عسكرية أدت الى ضياع المزيد من الأراضي والحقوق العربية، وخصوصا بعد حرب الأيام الستة في عام 1967·

منذ بداية عصر الديكتاتورية والحكم الشمولي فقدت الشعوب العربية حق الاختيار وانتهت التعددية السياسية وتوارى السياسيون الذين يمكن لهم أن يمثلوا شرائح اجتماعية واعية ويقدموا مقترحات وحلول لكل القضايا ذات الصلة بالتنمية والتطور الاجتماعي، وربما استطاع بعض هؤلاء الحكام الاستفادة من ثروات البلاد النفطية وتسخيرها من أجل المحافظة على أنظمتهم وتمييع المطالبات الشعبية من خلال استغلال آليات اقتصادات الريع، لكن ما قام به النظام العراقي البائد في العراق لم يكن مسبوقا فقد استنفدت الثروة على الإنفاق العسكري والأمن وتطوير أسلحة الدمار الشامل، ناهيك عن الحروب العبثية مع إيران وغزو الكويت واحتلالها·

ومما لا شك فيه أن ذلك السلوك الإنفاقي قد عطل التنمية في العراق لدرجة كبيرة وأدت النتائج الكارثية للحروب والمغامرات الى وأد التنمية الاقتصادية وتراجع مستويات المعيشة وانهيار المؤسسات وفقدان الأمل للكثير من العراقيين خلال السنوات العشرين الماضية مما دفع بالكوادر المثقفة والمهنية الى الهروب من البلاد·

بيد أن ما يؤلم أنه بالرغم من تلك الكوارث لم يتوانَ عدد كبير من المثقفين العرب عن الدفاع عن ذلك النظام تحت حجج كثيرة وتبرير ذلك الدفاع بدعوى الحرب ضد التبعية والامبريالية، ومما زاد الأمر صعوبة هو أن المنظومات الأمنية وسياسات التجويع والتدهور الاجتماعي في العراق، والى درجة كبيرة في بلدان عربية أخرى محكومة من قبل أنظمة شمولية، لم تمكن من تصعيد المعارضة أو المقاومة السلمية وغيرها من أجل إنجاز تحول سياسي يحقق المشاركة السياسية والتطور الديمقراطي، وبدلا من تطور معارضة ديمقراطية فعالة انتشر الفكر الأصولي المتطرف وظهرت قوى ظلامية تكفر المثقفين وتهدف للاستيلاء على السلطة بالقوة الغاشمة وتعمل من أجل إقصاء الآخرين الذين لا يتفقون معها في الرؤية السياسية والمعتقدات الاجتماعية والثقافية، بل إن هذه القوى اعتمدت استراتيجية لمحاربة الآخرين في عقر ديارهم كما حدث في الحادي عشر من سبتمبر بهدف خلق صراع حضاري لا يعلم أحد بنتائجه والتي لا بد أن تكون كارثية·

وقد تكون أحداث 11 سبتمبر هي المحرك الذي دفع الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لمراجعة كل سياساتها على مدى العقود الطويلة الماضية في هذه المنطقة من العالم للتحري عن مواطن الخلل في تلك السياسات والتعرف على عناصر الضعف في البنيات السياسية في دول المنطقة·

إن حرب تحرير العراق يجب أن تكون انطلاقة لتحرير العقل العربي من أوهام المراهنة على الأنظمة المستبدة، بحجة الدفاع عن المرتكزات الوطنية والقومية، حيث لا يجب أن نتوقع من الشعوب التي تعاني من الاستبداد مواجهة استحقاقات الاستقلال والحرية، كذلك لا بد أن نفهم من سقوط النظام العراقي وقياداته بأن الشعوب لا يمكن أن تنهض للدفاع عن الحكام الشموليين والمستبدين، لذا يجب أن نعيد النظر في منظومة القيم الثقافية لنساهم في بناء نظام سياسي في كل بلد عربي يعتمد على الديمقراطية والتعددية وشرعية قبول المواطنين دون قهر وظلم·

tameemi@taleea.com   

�����
   

تصريحات في خدمة صدام:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
عذق البلح!!:
سعاد المعجل
مجتمع البحرين العزوبي!!:
رضي السماك
الشيوعيون الروس وبكائية غير مجدية!!:
بدر عبدالمـلـك*
اعتقال صدام حسين·· لكل طاغية أجل:
نزار حيدر
نهاية نظام:
يحيى الربيعان
الخروج من النفق!:
عامر ذياب التميمي
"الشــرعية الـدولية":
حمـد الصباح*
ثغــرات:
فاطمة الهاجري*
شارلز، لويس وصدام: التاريخ لا يتكرّر ولكن الأحداث التاريخية تتشابه:
خالد عايد الجنفاوي
يحاكمه علنيا·· العراقيون؟:
د. جلال محمد آل رشيد
هزائم دبلوماسية:
عبدالله عيسى الموسوي
أول دراسة عراقية تنشر للمرة الأولى عن القضية الفلسطينية في خطابات صدام
اعتقال صدام حسين والحقيقة الغائبة:
حميد المالكي
مجتمع البحرين العزوبي!!:
حميد المالكي
التسامح الفرنسي:
كامل عبدالحميد الفرس
الذكرى السنوية الـ 55 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
المحامي د.عبدالله هاشم الواكد
نقابات اليوم:
المحامي نايف بدر العتيبي