| بعد الاستسلام الذليل والمعاملة المهينة التي تلقاها الطاغية صدام أخذ الحديث يكثر عن موضوع محاكمته·
صدام حسين وبغفلة من الزمن وبتصفيق عربي أصبح بين ليلة وضحاها من "بلطجي" و "ابن شارع" إلى زعيم العرب وحامي البوابة الشرقية وأخذ زعماء العرب والمسؤولون الخليجيون يزورونه زرافات ووحدانا يلتمسون رضاه ويقدمون له الهدايا والأموال وأصبح هو شعارهم ورايتهم التي يرفعونها!
صدام هذا والذي أسماه بحق الشاعر العراقي المعارض أحمد مطر بـ "حبيب الملاعين" سيقف أمام المحكمة ليدافع عن نفسه، فماذا سيقول؟ وسيقف معه بعض المحامين العرب الذين هم على شاكلته ليدافعوا عنه ويبرروا فعلته فماذا سيقولون؟
أولى جرائم صدام التي عليه الدفاع عنها هي حربه العبثية ضد إيران والتي استمرت ثماني سنوات وكان من ضمنها مجزرة حلبجة الكردية الواقعة داخل الأراضي العراقية والتي راح ضحيتها الآلاف، تلك الحرب التي حصدت أرواح مئات الآلاف من العراقيين والإيرانيين بالإضافة إلى الجرحى والمعوقين·
شهود الحرب من الإيرانيين والعراقيين سيكونون مئات الآلاف ضد حربه الإجرامية هذه، إلا أن دفاع صدام سيبدأ بأنه لم يكن وحيدا في هذه الحرب بل أن هناك دولاً ورؤساء شجعوه وساعدوه وأمّلوه بالمساعدات والنصر ولولا وقوفهم معه لما كان دخل هذه الحرب، وهنا علينا أن نكون حذرين من توجيه صدام للاتهامات ذات اليمين وذات الشمال لهذه الدولة أو لتلك، ولهذا المسؤول أو ذاك·
فصدام حسين يملك "بذاكرته" الكثير من الوثائق والأدلة ويستطيع أن يسرد أسماء المسؤولين العرب الذين قابلهم وأمدوه بالمال والعتاد وجعلوا الشعب العراقي وقودا لهذه الحرب·
لذلك فإن التصريحات التي يطلقها بعض وزرائنا ومسؤولينا هذه الأيام "بافتخارهم" أنهم ساعدوا صدام في حربه هذه، متناسين أنه بعدها غزا بلدهم وأرضهم، ومتناسين أن الأمم المتحدة أصدرت قرارها بإدانة العراق في هذه الحرب كما أدانته بغزو الكويت، وبالتالي فإن من يؤيد غزو الكويت يقف في الموقف القانوني نفسه بتأييده حرب صدام ضد إيران··
كما أن بعض المحامين العرب والذين سيدافعون عن "شيطان العراق" سيعتبرون تصريحات هؤلاء الوزراء دعما لموقف صدام وإدانة لهم ولدولهم·
ومن هنا فإن المنطق والمصلحة الوطنية يحتمان علينا تنبيه هؤلاء الوزراء وغيرهم بأن يكونوا حذرين من كلماتهم التي تخرج من أفواههم "فليس كل ما يعرف يقال" لأنه أحيانا عليهم أن يطبقوا المثل القائل "إذا كان الكلام من فضة، فالسكوت من ذهب"·
صدام مجرم سيحكم عليه بأقسى الأحكام، إلا أننا نحذر من أن يجر معه الكثير من الذين شجعوه في استضعاف الشعب العراقي، واستخدامه وقودا لحروبه ومغامراته وعندها سيردد البعض "ولات حين مناص" وعندها لا ينفع الندم· |
