| تكاثفت خلال الشهور الثلاثة الماضية حوادث السرقات والجنس والانتحار في صفوف العمالة الأجنبية وبعض أعمال وجرائم العنف المرتبطة بتلك الحوادث جنبا الى جنب مع تفشي الإدمان على المخدرات وحوادث القتل والعنف·
ثمة بيئتان رئيسيتان متداخلتان لتفريخ كل هذه الآفات الاجتماعية: البطالة وكثرة وجود العمالة الأجنبية الرخيصة، بيد أن واحدة من هذه الآفات برزت في الآونة الأخيرة بصورة لافتة، ألا وهي ازدياد حوادث الاعتداءات الجنسية سواء في صفوف العمالة الأجنبية أم في صفوف بعض الفئات والشرائح البحرينية، ونحن هنا أمام وضع جديد بدأ يتشكل سريعا منذ ربع قرن وينذر بكارثة اجتماعية خطيرة ما لم يقرع جرس الإنذار بأعلى صوته وبأطول زمن ممكن من القرع المتواصل للتصدي لهذه الكارثة قبل استفحالها، هذا الوضع يتمثل باختصار شديد في أن مجتمعنا بشقيه الوافد والوطني قد تحول الى مجتمع عزوبي بامتياز ويكاد ينفجر برمته من جراء ضغوط الحرمان والكبت ذلك أن ما لا يقل عن %90 من العمالة الأجنبية هم من الذكور العزاب "ونعني بالعزاب هنا سواء أكانوا متزوجين وتركوا زوجاتهم في أوطانهم أم عزابا بالمعنى الأصلي للكلمة"، وعلى الجانب البحريني فإن العزوبية في وسط الشباب البحريني من سن 45-21 هي في ازدياد مطرد، دع عنك فئة المراهقين التي هي من سن 15 الى 20·
وما زالت حفلات "الزواج الجماعي" محدودة وغير قادرة على حل مشكلة الزواج المزمنة بل هي غير مقدر لها أصلا أن تحل مشكلة بهذا الحجم في ظل ثالوث البطالة، وتدني الأجور وأزمة الإسكان ولعل مما يحفز الى انفجار هذين (الكبت والحرمان) في شكل اعتداءات ومظاهر الانحراف والشذوذ، هو أننا بتنا اليوم أمام ثورة تكنولوجية رهيبة من الفضائيات وأشرطة الفيديو والإنترنت تمارس أقصى درجات استفزاز المحرومين المكبوتين بعرضها مختلف أنواع الأفلام الإباحية بشتى فنونها الاستعراضية و"التطبيقية"، وهذه الثورة التكنولوجية التي دمرت كل الحواجز أمام المحرمات بات من المستحيل في عالم اليوم المتعولم وضع ضوابط لها أو قيود للحد من دخولها كل البيوت·
إن الجنس غريزة من أقوى وأخطر الغرائز الطبيعية التي منحها الله الإنسان وما لم تصرف وفق مساراتها الطبيعية المشروعة تتحول الى طاقة مدمرة تنفجر في وجه الجميع·
وإذا كان من الصعوبة بمكان وضع حلول عاجلة لأزمة الزواج درءا لمشاكل الاعتداءات والانحرافات الجنسية في الوسط البحريني فإنه ليس من المعقول ترك الحبل على الغارب فيما يتعلق باستمرار فتح الباب على مصراعيه أمام العمالة الأجنبية العازبة وبخاصة حينما يقترن ذلك بتجرؤ أعداد منها على الاعتداءات الجنسية على أبناء البلد الذي استضافهم لما يحمله ذلك من امتهان لكرامة البحريني المشبع بالامتهانات·
والأنكى من ذلك أن المؤسسة الدينية التي هي رمز مقدس للعفة والفضيلة باتت هي نفسها، كلها أو بعضها بحاجة ملحة وماسة الى الإصلاح الشامل بعد أن حُولت بعض بيوت الله الى أوكار للرذيلة ومن قبل أيضا بعض شواذ العمالة الأجنبية "الناسكة"!
* كاتب بحريني |
