رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 16 صفر 1424هـ - 19 أبريل 2003
العدد 1573

الصراع والحقيقة!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

ظل العرب منذ عام النكبة، 1948، في فلسطين يعانون من أزمة مواجهة الحقيقة في صراعهم مع الآخرين·· وإذا كان الفلسطينيون قد فقدوا حقوقهم الوطنية المشروعة فإن ذلك لم يكن، فقط، بسبب تآمر القوى الكبرى مع الإسرائيليين عليهم، كما يقول العرب بل أيضا بسبب الدور العربي في تلك المحنة··· وعندما لم يتمكن العرب من حماية حقوق الفلسطينيين وصيانة ترابهم الوطني أصروا على رفض الحلول السلمية التي أقرت من الأمم المتحدة ومن أهمها قرار التقسيم·· وكما هو معلوم أن من أهم النتائج الكارثية التي تمخضت عن تلك النكبة أن النظام السياسي في مختلف البلدان العربية تعرض لهزة عنيفة دفعت بالعسكريين للاستيلاء على السلطة في ظل اندفاع قومي متعصب·· وغني عن البيان أن تلك الانقلابات قوبلت بحماسة شديدة من النخب المثقفة والجماهير، وأصبحت الأحزاب والقوى السياسية تزايد على بعضها البعض في تطرفها وعدائها للغرب وتحمسها للثأر·· ولذلك فقد أصبحت أجندة السلطات الجديدة في أكثر من بلد عربي على أهبة الاستعداد للدخول في حرب ضد الإسرائيليين بصرف النظر عن القدرات الإدارية والعسكرية ناهيك عن ضعف البنيان السياسي والاقتصادي في هذه البلدان العربية··· لم تكن إذا، هناك أي مفاجأة في انهيار الجيوش وقادتها في حروب 1956، 1967 وانتكاسة 1973 واجتياح لبنان في 1978 و1982، كانت تلك النتائج عائدة لخور النظام السياسي العربي وضعف بنيته الثقافية وقدراته التقنية·

وإذا كان النظام السياسي في كل من مصر وسورية والأردن قد دخل حروبا مع إسرائيل وخسرها فإن نظام البعث في العراق قد دخل حربا مع إيران ثم احتل الكويت وأخيرا غامر بتحدي الولايات المتحدة وبريطانيا في حرب تحرير العراق، وهو إن كان قد استمر في الحرب مع إيران ثماني سنوات نظرا لتقارب القدرات القتالية والمستويات التقنية فإنه لم يستطع أن يقاوم لأكثر من ستة أسابيع في حرب تحرير الكويت عندما تصدت له الولايات المتحدة وحلفاؤها، ولم يتمكن من الاستمرار في معارك حرب تحرير العراق لأكثر من شهر·· ولا بد أن النظام المقبور في العراق قد تشجع بالدعم الإعلامي والصراخ في الشارع العربي وتقديرات الخبراء العسكريين العرب الذين صوروا له إمكانات المقاومة ودحر التحالف في الحرب الأخيرة·· لكن كل ما حدث كشف عن جهل الحقائق الدامغة سواء كانت عسكرية أو سياسية، كما أن الأمور كشفت أن ذلك النظام، وأي نظام شبيه له، لا يمكن التعويل على شعبه، أو حتى أزلامه، للدفاع عنه ما دام قد استمد شرعيته من الطغيان والقهر والاستبداد·

لكن ما يعنيني هو هل تعلم العرب، ومثقفوهم، بأن عليهم أن يستفيدوا من هذه الدروس ويبنوا عليها استراتيجية جديدة للتعامل مع واقعهم ثم مع الآخرين؟ إن ما هو مطلوب هو المزيد من الشفافية والتركيز على الحقيقة، مهما كانت مرارتها من أجل بناء مجتمعات عربية واعية وقادرة على استلام زمام أمورها، وبدلا من تمجيد وعبادة الطغيان والإشادة بالأنظمة الدكتاتورية التي يعتقد بعض المثقفين تصديها للغرب والآخرين، فإن المطلوب هو العمل من أجل النضال لإقامة أنظمة ديمقراطية حقيقة تؤمن بالتعددية وحقوق الشعوب في اختيار حكامها من دون وصاية··· كما أن هذا التحول في أنظمة الحكم يجب أن يصاحبه تحول في الفكر العربي، فلقد أضعنا وقتا ثمينا في المواجهة والصراع والحروب ونريد الآن التركيز على السلام والتنمية ورخاء الشعوب وتمكينها من التمتع من خبراتها الاقتصادية والاقتراب من الحدود الدنيا للحضارة الإنسانية·· لا نريد عنتريات لفظية ومواجهة مع الآخرين بقدر ما نريد تبادل منافع معهم واستفادة من تطورت الاقتصاد العالمي، وتعزيز فرص أجيالنا الشابة والناشئة للاستمتاع بالحياة المهنية الملائمة وتحسين نوعية حياتهم·

وإذا كان الإعلام العربي خلال السنوات الأخيرة قد استفاد من ثورة الاتصالات والنقل فإن هذا الإعلام يجب أن يصبح أكثر التصاقا بالحقيقة ولا يعمل من أجل إشباع غرائز المشاهدين، كما يفعلون في السينما العربية·· إن الإعلام العربي يجب أن يكون حرا ثقافة ونهجا، ولا يكون تحت وصاية المؤسسات الحكومية، لكن لا بد أن يفهم هذا الإعلام رسالته ضمن استراتيجية تنموية حيث ينشر قيم التسامح والاستفادة من تجارب الآخرين ويعزز الحوار من أجل التوصل للحلول المقنعة حول مختلف القضايا ذات الصلة في الواقع العربي··· ليس هناك من فائدة تذكر للمجتمعات العربية عندما يتم تمجيد الأنظمة الدكتاتورية المستبدة أو عمليات الانتحار الفردي أو الجماعي أو فكر التزمت والانغلاق، لا بد أن تكون مهمة الإعلام إبراز العوامل الإيجابية في الحياة الإنسانية وأهمية بذل الجهود التنموية وكيفية الاستفادة من الإمكانات المتاحة وتطوير القدرات المهنية وغير ذلك من قيم عصرية متحضرة، هل يمكن أن نتفاءل بعد نهاية حرب تحرير العراق ونأمل أن يصبح الفكر العربي عقلانيا ورشيدا ويتعامل مع الحقائق كما هي دون مواربة؟ هل يستطيع المثقفون العرب أن يتجاوزوا محنتهم للوصول الى قناعات تجعلهم أكثر تفهما لتبدل الأحوال في هذا العالم؟ هل يمكن للإسلاميين أن يعوا أن دورهم هو تطوير منظومة قيمهم السياسية بما يجعل قيم الإسلام منارا للتطور والتنمية في عالم متعدد الأديان والقيم الأخلاقية ومتنوع المذاهب الاجتماعية···؟ ثم ألا يستطيع القوميون من العرب أن يروا أن المصالح العربية تتوافق مع الالتقاء بالآخرين، وتطوير منظومة قيمهم السياسية للتركيز على ترابط العرب اقتصاديا وثقافيا وتفاعلهم مع الحضارة الإنسانية من أجل الاستفادة في كل المجالات ذات الصلة؟ كذلك لا بد أن يعي اليساريون أن منظومة الدول الاشتراكية قد انتهت لأسباب نظرية وتطبيقية، ومنذ أكثر من عقد من الزمن لم يعد هناك قطب عالمي يستطيع أن يقف أمام اقتصادات السوق الحر، ولن تظهر أقطاب جديدة كما يحلم بعضهم·· هذه الحقائق تتطلب جهودا ذهنية فهل نحن مستعدون؟

tameemi@taleea.com 

�����
   

سجون صدام:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
بعد سقوط التمثال!!:
سعاد المعجل
الحرب وحقوق الإنسان:
يحيى الربيعان
1948-2003:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
بديل العجز العربي·· أمريكي:
المحامي نايف بدر العتيبي
الصراع والحقيقة!:
عامر ذياب التميمي
الإمام الصدر ينادي الشعب العراقي العزيز:
د· بدر نادر الخضري
إبداع الدكتور الربعي:
صلاح مضف المضف
عقلية نظام:
د. حسن الموسوي
العراق·· و”المستقبل” القريب والمتوسط؟:
د. جلال محمد آل رشيد
من المسؤول عن تشويه سمعة العراقيين؟:
حميد المالكي