لم يكن بودنا أن يأتي خلاص الشعب العراقي بهذه الطريقة، كما تمنينا نحن في الكويت إبان الاحتلال العراقي الغاشم أن يأتي خلاصنا وتحرير أراضينا على أيدي أمتنا العربية، لكن ما حدث لنا يحدث الآن لأشقائنا في العراق فالمحرر والمنقذ هو الأمريكي!
ونحن إذ نأسف إلى ما آلت إليه الأوضاع ليس عراقيا فقط بل على المستوى العربي نأمل في الوقت نفسه في تغيير شامل يطال عالمنا العربي من المحيط إلى الخليج تكون الديمقراطية والحرية والتعددية واحترام حقوق الإنسان والأقليات عنوانه الرئيسي فحتى لو انتفض الشعب العراقي على واقعه المرير المأساوي وأراد التخلص من نظام صدام حسين فإنه بكل تأكيد سيتكبد خسائر بشرية تفوق بشكل صريح ما يقدمه الآن من تضحيات جراء حرب تحرير العراق، فالأمريكان والبريطانيون هم بلا شك أرحم وأعطف على شعب العراق من طاغيته صدام حسين وبكل أخطائهم وتقديراتهم هم كذلك·
ومهما يكن من أمر كنا نأمل أن تنتهي مأساة الشعب العراقي نهاية يكون هو طرفا رئىسيا وفاعلا فيها، لكن الشعب العراقي لم يكن في وسعه القيام بهذه المهمة ليس ضعفا أو نقصاً، لكن الدور العربي ومدى تأييده الواسع لنظام صدام حسين وخصوصا من بعض الأنظمة التي تشابهه ومن العرب الذين استطاعت آلته الإعلامية من تغييبهم بالكامل عن معاناة شعبه وصورته كمحرر لفلسطين وأبرزته أبواقه الإعلامية العربية المدفوعة الأجر إلى مصاف المحررين والفاتحين والأنبياء والرسل·
فالدول العربية التي تمثلها الجامعة العربية لم تتمكن خلال أكثر من اثني عشر عاماً من رأب الصدع وردم الهوة والانشقاق والإجرام الذي أقدم عليه رئيس النظام العراقي صدام حسين، ولم تحاول أن تجد حلاً عادلا يكفل للشعب الكويتي حقوقه المشروعة ويحفظ أمنه واستقراره ويمنح الشعب العراقي حقوقه المهدورة منذ وصول هذا النظام للسلطة· فلو استطاعت الأمة العربية فعل ذلك لما تمكن الأمريكان وغيرهم من التواجد، لكن تقاعس العرب عن لعب أدوارهم والقيام بمهامهم ترك المكان شاغراً للوجود الأجنبي على معظم أراضينا العربية وفي النهاية فإن نظام صدام حسين وباقي مجموعته من الأنظمة الشمولية التي تصادر الآخر وتؤمن بنظرية المؤامرة من دون أن تحرك ساكنا هي أكبر المتآمرين على الشعوب العربية المضللة وهي التي ترفع شعارات العروبة والإسلام متى أحست بالخطر وساهمت بما وصلنا إليه من حال فبئس هذه الحال التي انحدرت فيها قيمنا العربية التي نتشدق بها إلى درجة أن يصدر شيوخ المال فتاوى تدعو للجهاد من أجل انقاذ صدام حسين ووقفوا عاجزين عن إصدار فتوى للجهاد لتحرير بيت المقدس ولم تدافع عنه·
nayef@taleea.com |