تصادف هذه الأيام الذكرى السنوية لاستشهاد المرجع الديني الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر “قدس سره” وأخته الأديبة الفاضلة الشهيدة بنت الهدي “رص” على يد نظام الطاغية صدام العفلقي·
تعود هذه الذكرى الكئيبة على نفوس المسلمين عامة والشعب العراقي خاصة، وما زال العراق يعيش جوا من عدم الاستقرار وإن كنا حاليا نشهد نهاية نظام صدام المحتومة على يد القوات الإنجلوأمريكية·
فمن المعروف أن هذا النظام الفاسد في العراق حاليا انطلق من مبادئ بث الفساد والانحلال وهلك الحرث والنسل، وكان بؤرة التوتر والعدوان في المنطقة الإسلامية بغية تحقيق مآرب يصبو الى تحقيقها·
إن هذا النظام يده مملوءة وملطخة بدماء الأبرياء من الشعبين العراقي والكويتي معا، فلم يترك أحدا على هذه الأرض إلا وتجنى عليه، ففي عام 1980 خيّر صدام الطاغية الإمام محمد باقر الصدر “قدس سره” بين أن يطلع على الناس بمهاجمة الثورة الإسلامية في إيران والقيام بسب الإمام آية الله الخميني “قدس سره” أو القتل، فاختار الصدر القتل بكل بساطة فخيَّره صدام ثانية في أي قتلة يريدها؟ فقال الصدر: أذبح كما ذبح الحسين·
وحتى لا يتهم أحد صدام بأنه يخرج عن روح الدكتاتورية ويخيّر أعداءه فقد اكتفى بقتله بالرصاص، كما قتل اخته الكاتبة آمنة بنت الهدي بعده مباشرة·
وكأن روح الإمام الصدر تنادي الشعب العراقي قبل قتله أو التاريخ يعيد نفسه، حينما نجد أن النظام العراقي يهدد المراجع وعلماء العرب بإصدار الفتاوى غير الشرعية لتكون مساندة له ولكن هيهات تنطوي هذه الألاعيب الخبيثة على الشعوب الواعية العارفة بهمجية النظام العراقي في حبه لمحاربة الشعوب التي تبحث عن الحرية والتحرير والبعد عن الدكتاتورية والفساد·
فقبل قتل صدام الطاغية للمرجع الديني السيد الصدر “قدس سره” وجه السيد نداء الى العراقيين في كلمات وعبارات يجب أن تذكر وتنشر للأجيال الحالية والمقبلة للشعب العراقي، حيث قال في بداية ندائه:
“يا شعب العراقي العزيز أيها الشعب العظيم، إني أخاطبك في هذه اللحظة العصيبة من محنتك وحياتك الجهادية بكل فئاتك وطوائفك بعربك وأكرادك، بسنتك وشيعتك، بأن المحنة لا تخص مذهبا دون آخر، ولا قومية دون أخرى وأن المحنة هي محنة كل الشعب العراقي، فيجب أن يكون الموقع الجهادي أو الرد البطولي أو التلاحم النضالي هو واقع كل الشعب العراقي، ويضيف الإمام الصدر “وإني منذ عرفت وجودي ومسؤوليتي في هذه الأمة بذلت هذا الوجود من أجل الشيعي والسني على السواء أو من أجل العربي والكردي على السواء حين دافعت عن الرسالة التي توحدهم جميعا، وعن العقيدة التي تضمهم جميعا ولم أعش بفكري وكياني إلا للإسلام وهو طريق الخلاص وهدف الجميع فأنا معك يا أخي وولدي السني بقدر ما أنا معك يا أخي وولدي الشيعي، أنا معكما بقدر ما أنتما مع الإسلام، وبقدر ما تحملان من هذا المشعل العظيم، إنقاذ العراق من كابوس التسلط والظلم والاضطهاد”·
ويستمر الإمام الصدر في ندائه العظيم للشعب العراقي في موضع آخر: “يا أبنائي وإخواني، أبناء الموصل والبصرة، أبناء بغداد وكربلاء والنجف، أبناء سامراء والكاظمية، أبناء العمارة والكوت والسليمانية، أبناء العراق في كل مكان، إني أعاهدكم بأني لكم جميعا ومن أجلكم جميعا، وإنكم جميعا هدفي في الحاضر والمستقبل، فلتتوحد كلمتكم ولتتلاحم خططكم تحت راية الإسلام ومن أجل إنقاذ العراق من كابوس هذه الفئة المتسلطة، وبناء عراق حر كريم تعمره عدالة الإسلام وتسوده كرامة الإنسان ويشعر فيه المواطنون جميعا على اختلاف قومياتهم ومذاهبهم بأنهم أخوة يسهمون جميعا في قيادة بلدانهم وبناء وطنهم، وتحقيق مثلهم الإسلامية العليا المستمدة من رسالتنا الإسلامية وفجر تاريخنا العظيم”·
ونقول إنها بحق نداءات يجب الاقتداء بها من أبناء الشعب العراقي وليحيوا هذا الصوت الذي اغتيل على يد طاغية العصر، طاغية القرن العشرين صدام العفلقي· |