رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 16 صفر 1424هـ - 19 أبريل 2003
العدد 1573

���� �������
لمســــات
تصادف هذه الأيام الذكرى السنوية لاستشهاد المرجع الديني الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر “قدس سره” وأخته الأديبة الفاضلة الشهيدة بنت الهدي “رص” على يد نظام الطاغية صدام العفلقي· تعود هذه الذكرى الكئيبة على نفوس المسلمين عامة والشعب العراقي خاصة، وما زال العراق يعيش جوا من عدم الاستقرار وإن كنا حاليا نشهد نهاية نظام صدام المحتومة على يد القوات الإنجلوأمريكية·
آفاق ورؤيـــة
الذين ناصروا الطاغية صدام وما زالوا يناصرونه، هل شاهدوا السجون التي فتحت بعد سقوط حكمه؟ وهل شاهدوا العراقيين وكيف كانوا يتعاملون مع صوره وتماثيله وكأنهم كانوا ينتظرون هذا اليوم بشوق وصبر؟! السجون التي فتحت، هرع إليها الأهالي بحثا عن أبنائهم وأزواجهم وآبائهم فوجدوا الهول والعجب، سجون تحت الأرض لا يعرف الإنسان أين أبوابها وأين مداخلها، يسمعون أصواتا خلف جدرانها ولا يستطيعون الوصول الى داخلها، فالكثير من الممرات تحت الأرض تقود من موقع الى آخر بناه زبانية صدام للتنقل تحت الأرض من سجن الى آخر·
يعد النظام العراقي نموذجا لحالة الانفصال بين القول والفعل، ويكمن ذلك الانفصال الكبير في شخصيته وعقلية حكام النظام، فمن ينظر إلى العراق يجده دولة تمر بظروف أي دولة من دول العالم الثالث التي توجب على حكومتها التعامل مع مسؤوليات داخلية جسيمة، فعدد السكان يتزايد بمعدلات عالية، والظروف الاقتصادية متدهورة ومعدلات التضخم لم تترك للعملة العراقية قيمة تذكر، والتركيب الاجتماعي العراقي يعاني من مشاكل الفقر والبطالة·
لم يكن بودنا أن يأتي خلاص الشعب العراقي بهذه الطريقة، كما تمنينا نحن في الكويت إبان الاحتلال العراقي الغاشم أن يأتي خلاصنا وتحرير أراضينا على أيدي أمتنا العربية، لكن ما حدث لنا يحدث الآن لأشقائنا في العراق فالمحرر والمنقذ هو الأمريكي!
أي حرب في العالم لها ثمن باهظ يدفعه المهزوم والمنتصر، لابد من سقوط ضحايا من العسكريين وأيضا من المدنيين، الرجال والنساء، الشيوخ والأطفال· في حالة الحرب فقط نقول: إن الغاية تبرر الوسيلة، لكن الضمير الإنساني يرفض الأخذ بمسار الحرب مهما كان السبب، ويرفض كل وسيلة تؤدي إلى الحرب مهما كانت، فإنها تشكل أكبر هدر لحقوق الإنسان، حيث إنها تؤدي إلى موت الإنسان·· وأسر الإنسان·· ولجوء الإنسان·· وإعاقة الإنسان·· وترويع الإنسان ونزع حقوقه المدنية·· واستنزاف أمواله عموما·
ظل العرب منذ عام النكبة، 1948، في فلسطين يعانون من أزمة مواجهة الحقيقة في صراعهم مع الآخرين·· وإذا كان الفلسطينيون قد فقدوا حقوقهم الوطنية المشروعة فإن ذلك لم يكن، فقط، بسبب تآمر القوى الكبرى مع الإسرائيليين عليهم، كما يقول العرب بل أيضا بسبب الدور العربي في تلك المحنة··· وعندما لم يتمكن العرب من حماية حقوق الفلسطينيين وصيانة ترابهم الوطني أصروا على رفض الحلول السلمية التي أقرت من الأمم المتحدة ومن أهمها قرار التقسيم··
في مقابلة على محطة LBC مع الدكتور أحمد الربعي ووزير الثقافة اللبناني غسان سلامة حول الأوضاع الحالية في المنطقة كانت نقطة الخلاف بين هاتين الشخصيتين اللتين اتسمتا بالعقلانية والموضوعية وهذا ليس بغريب عليهما هو موضوع الخطر الخاص بقدرة دولة أو مجموعة من الدول أن تخرج من المنظومة الخاصة بالأمم المتحدة وتغير نظام حكم أو خريطة لأي منطقة كانت
بلا حــــدود
في مشهد مؤثر ومهيب يتراكض فيه جمع من أهل بغداد، هدفهم إسقاط تمثال من البرونز للدكتاتور “صدام حسين” يتصدر قلب إحدى الساحات المهمة في بغداد، يحمل ذلك المشهد مفارقة غريبة وإن كانت واقعا حدث في الكويت عام 1990، ويحدث الآن في العراق·
لتعارفـــــــوا
قبل أن نبدأ أي أفكار في مقالتنا هذه نؤكد على أن أهم نقطة في مقامنا هذا هو أن نبارك للأحبة جيراننا أهل الرافدين الكرام انقشاع نوع عميق من أنواع العفن عن جسدهم الجريح، ألا وهو العفن العفلقي، فمبارك عليكم، إن شاء رب العزة، تخلصكم من الاستعمار المحلي·· وكان القوي العزيز في عونكم على ما سواه· بداية، وقبل الحديث عن العراق، سنحاول أن نتناول بالبحث قضية تاريخية نظن أن الشبه بينها والوضع الحالي في منطقتنا المسكينة كبير الى حد معقول·
منذ يوم تحريرنا من نظام صدام الإرهابي في التاسع من إبريل وبعض الفضائيات العربية التي صدمت وأفلست لسقوط النظام الصدامي والتي استماتت في الدفاع عنه والنفخ بقواه الخارقة تحولت الى تصوير وبث مشاهد النهب والسرقة التي جرت في بغداد والموصل وكركوك من دون ذكر الأسباب الجوهرية لهذه الظاهرة الآنية الوقتية الشاذة والقصد من ذلك محاولة حفظ ماء وجهها الذي فقدته من جراء السقوط المفاجئ للنظام وهذه الأسباب هي:
ألفـــاظ و معـــان
حين يتأمل أي شخص متقدم في السن مثلي في ما يشهده العرب في هذه الأيام وما سيترتب عليه لابد أن تقفز الى ذهنه صورة ما جرى 1948 حين نشأت إسرائيل· فقبل 55 سنة أعلنت الصهيونية إقامة دولة إسرائيل على أرض فلسطين، وكانت قد حصلت من الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار بتقسيم أرض فلسطين الى دولتين وأجرى مندوبون عنها رسما لحدود كل منهما، وقد رفضت الدول العربية أعضاء جامعة الدول العربية حينذاك قرار الأمم المتحدة