رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 9 صفر 1424هـ -12 أبريل 2003
العدد 1572

حرب العقول!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

عندما تضع الحرب أوزارها علينا في العالم العربي أن نسخر عقولنا لكي نتبين طبيعة الخلل الذي أصابنا طوال هذه السنين والعقود وأدى الى تخلفنا الحضاري والثقافي وعطل تطورنا السياسي وتقدمنا الاقتصادي، ليس هناك من شك بأن أوضاعنا لا تسر على كل المستويات وما زلنا نعيش في حال من الغيبوبة السياسية والثقافية، التي جعلت الحواة يتمكنون من مصائرنا من خلال أساليب الغش والخداع والتخويف والترهيب والتكفير، يجب أن نتطلع الى مستقبلنا من خلال التعرف على واقعنا بكل جوانبه الإيجابية والسلبية ونمعن النظر في علاقاتنا مع بقية شعوب الأرض ونحاول أن نكتشف أوجه الاختلاف بيننا وبينهم، وكيف حدثت عداوات بين أطراف منهم وبيننا؟ وكيف يمكن أن نرمم تلك العلاقات على ضوء مصالحنا وليس على ما تفرضه علينا عواطفنا؟ ويقينا إن الحرب الدائرة في العراق لم تكن الأولى التي نكتشف من خلالها أننا، كعرب، مقصرون في تفهم الواقع الذي يحيط بنا أو أننا نزايد في تبجحنا وعدم الدراية في إمكانياتنا فقد حدث ذلك في حرب 1948 وحرب 1956 وحرب 1967 والى حد ما في حرب 1973 ولم ينتج عن تلك الحروب إلا المزيد من التدهور في الموقف العربي وزيادة الضعف وتحطم الآمال وارتفاع درجة الإحباط بين الشعوب العربية والتي لا تستطيع أن تعبر عن طموحاتها بأساليب ديمقراطية·

إن العالم اليوم يعتمد على العلم والمعرفة والكفاءة في الأداء وليس على الصراخ والكذب على الذات، ولذلك فإن أي محاولة لفهم الواقع يجب أن تعتمد على المعالجة الموضوعية وقيم العقلانية، لكن كيف الوصول الى هذا المستوى من التفكير من دون أن تتوافر أدوات التغيير التي تمكّن العرب من إيصال أصحاب الفكر العقلاني الى سدة القرار السياسي؟ لا ريب أن المجتمعات العربية عانت على مدى العقود الماضية من هيمنة الفكر الشمولي من المدارس القديمة الإسلامية والقومية واليسارية، وهي مدارس لا تزال تدفع الشعوب العربية باتجاه التشدد والانفعال وغلق باب الحوار مع الآخرين من شعوب الدنيا الواسعة، هؤلاء أيضا كيفوا عقولهم لخدمة المتسلطين من الحكام والذين أثبت التاريخ عدم جدارتهم لحكم بلدانهم، حيث إنهم أضاعوا أموالها وبددوا إمكاناتها وأهدروا فرص التنمية فيها، أصحاب الفكر الشمولي جعلوا من أنفسهم منظرين لسدنة الحكم في بلدان عربية بدعاوى الدفاع عن الحق العربي أمام المستعمرين والأجانب·

إن هذا الواقع ليس جديدا بل نتاج لتراكمات ثقافية وسياسية على مدى زمني قد يزيد عن نصف القرن، ربما أكثر، ولكن كيف يمكن تجاوزه والتحرر من مدارس الفكر القديم ذات النزعة الشمولية؟ قد يذهب المتشائمون الى الاستنتاج بأن حال العرب غير قابل للإصلاح ولا يمكن إصلاحه من خلال الديمقراطية، حيث إن تلك المدارس الشمولية قد تستولي على آليات الديمقراطية وتسخرها لصالحها، ويشهد هؤلاء بتجارب عربية أهمها تجربة الجزائر التي مازالت تحول دون قيام نظام ديمقراطي متحرر قابل للديمومة بسبب النزعات الإسلامية الراديكالية أو نزعات العسكر التسلطية، كما يذكر المتشائمون أن تجربة البحرين التي جاءت بعد مخاض وصراع طويلين وبعد أن اقتنعت السلطة الحاكمة بأهمية التحول والانفتاح الديمقراطي، هذه التجربة أوجدت قوى شعبية متطرفة لا تريد الإصلاح، وهي تحاول أن تملي أجندة شعبوية، وأحيانا مذهبية على المجتمع البحريني وتتبنى نزعة عداء تجاه الآخرين، كيف يمن أن نوفق بين الرغبة بالإصلاح الديمقراطي والتوجهات الشمولية المتطرفة المتفشية في المجتمعات العربية؟ هذا السؤال محوري وأساسي ولا بد أن نتوصل الى وسائل وأدوات تؤدي الى تحقيق التطور المنشود بأقل الخسائر السياسية والإنسانية الممكنة؟

من جانب آخر يلعب المثقفون العرب دورا مهما في الحياة السياسية والاجتماعية في البلدان العربية، خصوصا إذا تيقنا أن هذه المجتمعات متخلفة وتتأثر بكل من يدعي الثقافة والمعرفة، هؤلاء المثقفون وأشباههم، لا يقلون شمولية عن القوى السياسية والمجتمعية ولديهم نزعة استعلائية وادعاء بأنهم يملكون الحقيقة النهائية، أي أن هؤلاء يرون أن الآخرين لا يحق لهم أن يجادلوهم ويحاوروهم أو يثيروا تساؤلات حول معتقداتهم الفكرية والسياسية، كما أنهم على أتم الاستعداد لوصم الآخرين بالخيانة إذا ما أبدوا آراء تختلف عن ما يؤمنون به، وإذا كان المثقفون على هذه الشاكلة فكيف يمكن أن تتطور مجتمعاتنا ديمقراطيا وتصبح حيوية سياسيا وثقافيا؟ يعني هذا أن المثقفين يجب أن يدربوا أنفسهم على الحوار وتبادل الرأي والاستماع، وقبل ذلك محاولة الاستفادة من تجارب الآخرين من خلال القراءة والاطلاع المعمقين، ويمكن هنا أن أزعم بأن القليل من مثقفي العرب يعيرون اهتماما للاطلاع والمعرفة·

كذلك لا بد من التنبيه بأن الكثير من المدارس الفكرية التي نهل منها المثقفون العرب في أوروبا قد أصبحت خارج سياق العصر، وجرى تطوير المعتقدات والأفكار في بلدان المنبع ولكن لم يحدث أي تحول لدينا في بلدان العرب وربما اعتقد مثقفونا أن الأمور كما هي مثلما كانت في نهاية القرن التاسع عشر أو أوائل القرن العشرين·

وهكذا تصبح مهمة إحياء الثقافة الجديدة في عالم عربي يعاني التخلف والشمولية من أهم المهام أمام من يريد أن ينطلق مع العصر الحديث ويحرر شعوب الأمة العربية من واقع الجمود ويعيدها لسياق التطور الإنساني الذي نلمسه في بلدان كثيرة متطورة ونامية··· لم يعد مجديا الحديث عن تآمر الآخرين فإن المطلوب هو كيف يمكن إصلاح الواقع الوطني في كل بلد عربي أسس وتمكن من المشاركة السياسية الواسعة والإصلاح الاقتصادي وتحديث منظومة القيم المجتمعية والتواصل مع المجتمع الإنساني··· هذا التحدي لا بد أن يتصدى له كل من يرى في نفسه قدرة على الحوار والجدل وكل من يريد أن يتحول مجتمعنا الى بؤر للتنمية والتطور والإنتاج والفعالية، لا شك أن المهام ليست باليسيرة ولكنها تستحق المواجهة والبذل حتى نتمكن من رؤية الضوء في آخر النفق ولتمكين أجيالنا الجديدة من الحياة·

tameemi@taleea.com 

�����
   

غطرسة القوة!!:
سعاد المعجل
الإعلام غير المحايد:
يحيى الربيعان
قناة السويس:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
القوة والبقاء في السلطة:
المحامي نايف بدر العتيبي
حرب العقول!:
عامر ذياب التميمي
رجاءان للحكومة العراقية المقبلة:
د. محمد حسين اليوسفي
أيام ويصفق الجميع للكويت:
بـــدر الشيـخ *
راتشيل كوري:
عبدالله عيسى الموسوي
الدور الإعلامي المرتقب:
المهندس محمد فهد الظفيري
صدام أحرق بلده·· ويبتسم!!:
فوزيـــة السويلـم
عبدالحليم قنديل والحمّار المصري!!:
صلاح مضف المضف
هل نحتاج إلى إعادة تقييم إعلامنا وسياستنا؟!:
د. جلال محمد آل رشيد
دولـة الكويت منطلق تحرير العراق:
حميد المالكي
من الذاكرة العراقية (2):
رضي السماك