يصادف هذا الأسبوع مرور أربعة وأربعين عاما على الاستقلال الوطني الذي تحقق للكويت في التاسع عشر من يونيو "حزيران" عام 1961، وكذلك يصادف في السادس والعشرين من فبراير "شباط" مرور أربعة عشر عاما على تحرير الكويت من غياهب الاحتلال العراقي الرهيب·· ولا شك أن الكويتيين قد استفادوا من دروس وتجارب الماضي إلى حد ما خصوصا ما يتعلق بالأوهام القومية التي دفعت عددا كبيرا منهم للتعلق بقيم الفكر الشوفوني ورموزه المستبدة، لقد أسقط الاحتلال البغيض تلك الأوهام من مخيلات الكثير منهم، وإن ما زالت عالقة في عقول عدد لابأس به من الكويتيين الواهمين، كذلك كشف الاحتلال زيف الارتباط بقوى سياسية عربية وإسلامية لم تذرف دمعا على الكويت أثناء احتلالها بل على العكس من ذلك، هللت قوى قومية وإسلامية لذلك الاحتلال ولقيادة صدام حسين، واعتبرت الأمر خطوة نحو تحرير فلسطين وهزيمة إسرائيل·· ولقد كانت مواقف تلك القوى شاهدا على السقوط الفكري للقيادات السياسية والثقافية في بلدان عربية عديدة·
لكن هذه الحقائق التي تكشفت وأعادت الوعي للكويتيين لم تكن كافية لدفعهم للتفكير مليا في أوضاعهم وضعفها وهشاشتها وعدم توافقها مع متغيرات الزمن والتقدم الحضاري الذي عم العديد من بلدان العالم·· لم يتمكنوا من تعزيز ديمقراطيتهم وجعلها أكثر صمودا أمام المحن الحياتية والتحديات الملازمة للتطورات الإقليمية، وظلت الممارسة السياسية قاصرة عن التحولات المنشودة في المجتمعات المعاصرة حيث تتعزز المسؤوليات المجتمعية وترتفع درجة المشاركة من منظمات المجتمع المدني، وظلت المرأة حبيسة في مواقع لا تتعداها بالرغم من ارتفاع مستويات التعليم التي حصلت عليها والإمكانات المهنية التي حصدتها بفعل مشاركتها في الحياة العملية·· وحتى بعد أن بادر صاحب السمو أمير البلاد في السادس عشر من مايو "أيار" عام 1999 وأصدت المرسوم الأميري الذي جاء ليمنح المرأة كامل حقوقها الدستورية المستحقة ويمكنها من الانتخاب والترشيح للمجالس الاشتراعية وغيرها وقف أعضاء في مجلس الأمة، وتمكنوا من خلق أغلبية، رفضت تلك الحقوق السياسية·
إن الاحتفال بالأعياد الوطنية يجب أن يتلازم مع إنجازات أساسية تدفع نحو المزيد من التطور والتنمية في جميع الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ولاريب أن أمام الكويت شوطا طويلا قبل أن تستطيع الادعاء بأنها أكملت المسيرة الوطنية كمارسمها الرواد الأوائل الذين ساهموا مع المرحوم الشيخ عبدالله السالم الصباح طيب الله ثراه، في وضع لبنات الكويت الحديثة، كويت التقدم والديمقراطية، الكويت التي تفخر باستقلالها وحريتها ومواقفها المتميزة في الصراعات الدائرة في العالم العربي والعالم أجمع·
هذه الأماني التي نحملها، خصوصا جيلنا الذي شهد التطور الوطني المعاصر منذ بداية الستينات من القرن العشرين، تظل أساسية ونأمل أن تتحقق في زمن قريب وقبل أن نتوارى عن هذه الحياة·
هل يمكن أن نشهد هذا العام تحولات تفرحنا وتجعلنا أقرب إلى تحقيق تلك الأماني تمر بالرغم من التراجع في الحياة الاجتماعية وتدهور المستوى الثقافي في البلاد؟ هل يمكن أن تعدل الدوائر الانتخابية وتمنح المرأة حقوقها السياسية ويتمكن الشباب من ممارسة حقوق الانتخاب حال بلوغهم سن الثامنة عشرة؟ وهل يمكن أن تنظم الجماعات على شكل تنظيمات وأحزاب مؤسسة على أسس وطنية غير طائفية أو قبلية وتعتمد الدستور أساسا لخطابها السياسي؟
إن ما سبق تسطيره يمثل أحلاما لمواطن كويتي، وربما لعدد كبير منهم، يريد أن يرى البلاد تزهو بالحياة والفعالية وتنعم بخيراتها على أسس مختلفة تعتمد على المشاركة في الجهد والعطاء·
tameemi@taleea.com |