المشهد العام للوطن العربي يسير نحو التغيير القسري الذي لا بد أن يستوعب القائمون على أنظمة الحكم فيه هذه الحقيقة ولا يكابرون عليها بمزيد من الأخطاء في إدارة الدولة·
اليوم لم يعد مجال لعربدة كثير من الأجهزة الاستخباراتية في الأنظمة القمعية ضد شعوبها، فقد وعت هذه الشعوب نسبيا وبدأت تتظاهر لنيل جزء من حقوقها الطبيعية والفطرية وليست السياسية فقط وإزاء هذه المطالبات المشروعة بدأت تتزايد التضحيات وإن كانت فردية الطابع وعشوائية التنظيم إلا أنها بالأخير تشكل أداة ضغط على مثل هذه الدول أمام الرأي العالمي الذي يتلقف مثل هذه التحركات بشيء من الاهتمام والرعاية·
وقد تكون بعض مظاهر العنف المسلح جزءاً من فرض التغيير على أنظمة الحكم السلطوية وأن هذا العنف تولد نتيجة لسياسات قمعية مستمرة جعلت هذه الشرائح تفكر بالانتقام وعلى تعبير شعبي رائج "ما يفك الحديد إلا الحديد" ويستثنى ما حدث بدولة الكويت لأنه في الأصل إفراز إقليمي تسرب إليها عنوة!
فالأسلم لهذه الأنظمة البدء ببرنامج تغييري شامل من جميع النواحي الإنسانية يبدأ من رأس الهرم ويتدرج حتى يصل الى القاعدة الشعبية ولن يكون ذلك بالأمر الهين لدى متخذ القرار وإنما الاستجابة للضغوط الدولية التي قد يصحبها بعض الفبركات والتوجيه الإعلامي أمر لا يمكن مواجهته في الاستراتيجية الحديثة للنظام الدولي الجديد·
فالمنطقة العربية بالأخص تتعرض حاليا لتحركات غير عادية، وإننا يمكننا القول إن هذه التحركات ليست كسابقتها في فترة الخمسينيات من القرن الماضي الذي شهد معظمه تغيرا في أنظمة الحكم من خلال الانقلابات العسكرية على الأنظمة التقليدية السائدة حينها، إنما اليوم التغيير المطلوب والأسلم هو من خلال روافد الديمقراطية التي ثبتت بالتجربة أنها المخرج المناسب لضمان حد معقول من الحقوق والتعبير عن الرأي والمشاركة في رسم المستقبل، ولعل المسيرة الكويتية الرائدة والتجربة العراقية تجعل غالبية شعوب الوطن العربي تطمح إلى أن يكون لها شيء من هذا الوعي الديمقراطي والحرية النسبية وإن كانت تحت السيطرة!
رشفة أخيرة
بعيدا عن مباريات الكسب السياسي أو الشعبوي وليس مهما أن يسجل التاريخ نقاطا للمجلس أم رصيدا للحكومة، فطرح موضوع الحقوق السياسية للمرأة لا بد أن يتعاون الطرفان في إقراره، وتعجيل مشروع تقليص عدد الدوائر وزيادة فرص الاختيار أمام الناخب وتقنين عمل الكيانات والتجمعات السياسية، كل هذه الأمور تساعد على تطوير الأداء الديمقراطي وتشعر المواطن بشيء من الإنصاف في العمل السياسي·
mullajuma@taleea.com |