بينما الحديث اليوم عن أهمية تسليم الحكم للشعب بالطريقة الديمقراطية المثلى ومن خلال صناديق الانتخاب المباشر، وأهمية اختيار رئيس الوزراء والوزراء من الأحزاب والكتل السياسية الشعبية وضرورة تداول السلطة وإبعاد "عامل الوراثة" في الحكم يقف الكويتيون بطريقة تدعو للرثاء ليقولوا للعالم ما زالت حكومتنا تمنع إعطاء الحق السياسي للمرأة حيث إنها لا تطلب من نوابها الموالين في المجلس التصويت لهذا القرار فحسب بل إنها "تطلب" من أحد وزرائها الهروب من الجلسة بطريقة أصبحت مكشوفة ويعرفها حتى العجائز في البيوت·
ولعلها لم تحرج جهة ما بعد الانتخابات العراقية الأخيرة كما هي الحكومة الكويتية وخاصة أن المرأة العراقية الريفية ذهبت الى الاقتراع استجابة لنداء الوطن بينما المرأة المثقفة في الكويت تفتح فمها مبهورة مما تراه·
الحكومة تحتاج الى (33) صوتا لتمرر قانونها في المجلس وإذا علمنا أن لديها (15) وزيرا فإنها تحتاج الى (18) صوتا فقط من (49) صوتا هم أعضاء المجلس الباقون بعد تقلد أحد النواب الوزارة·· وإذا علمنا أن هناك (14) صوتاً أعلنوا تأييدهم لحق المرأة وسيصوتون مع القانون فإن الحكومة تحتاج إذا الى أربعة أصوات فقط·· فهل تعجز الحكومة عن "إقناع"! أربعة نواب موالين لها بتغيير رأيهم!
ولكن المستغرب أن الحكومة وبدلا من أن تعمل على إقناع هؤلاء الأربعة فإنها تطلب من أحد وزرائها التغيب عن الجلسة وعذره معه كما قالوا له·
إذا المسألة هي مصداقية الحكومة وجديتها وهذا يحتاج الى ضغط دولي من العيار الثقيل وخاصة أن الحكومة أمام مفترق طرق فإما أن يمر قانونها وتخرج منتصرة أمام العالم أو أنها ستلاقي نقدا محليا ودوليا كبيرا سيضطرها في النهاية الى لملمة ثوبها وتقديم استقالتها·
الحكومة وقعت في حرج كبير منذ أن تقدم عشرة نواب بمن فيهم رئيس مجلس الأمة السابق أحمد السعدون بطلب تحويل الأمر الى المحكمة الدستورية وهو طلب مازال قائما وسيستمر وعلى كل حال إذا مر القانون أو لم يمر فسيكون المنتصر هو النائب أحمد السعدون ورفاقه الذين رموا حجرا ثقيلا في ماء الحكومة الراكد· |