رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 25 شوال 1425هـ - 8 ديسمبر 2004
العدد 1656

محنة الديمقراطية الكويتية!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

مضى أكثر من ثلاثة وأربعين عاما منذ تأسيس النظام الدستوري في الكويت بعد الاستقلال في يونيو من عام 1961 ولا تزال العملية الديمقراطية تعاني من محبطات كثيرة··· وإذا كانت العملية البرلمانية قد واجهت بعض الإشكالات مثل حل مجلس الأمة مرتين خارج إطار النصوص الدستورية وذلك في عامي 1976 و1986 إلا أن أهم من ذلك أن الثقافة الديمقراطية لا تزال بعيدة عن التأصل في المجتمع الكويتي··· يعاني هذا المجتمع من معضلات التطور الاقتصادي السريع الذي اعتمد على خيرات وريع النفط وبسط الدولة نفوذها على مختلف الأنشطة الاقتصادية··· وقد حدث خلال السنوات الأربعين، أو أكثر، الماضية ومنذ استقلال البلاد من الحماية البريطانية تحولات مهمة ديمغرافيا واقتصاديا، حيث ارتفع عدد المواطنين الذين كانوا، بموجب إحصاء للسكان عام 1957، لا يتجاوزون المئة وعشرة آلاف نسمة، ارتفع الى 940 ألف نسمة في منتصف عام 2004 الحالي··· ويعتمد جل هؤلاء على الإنفاق الحكومي المتمثل بالرواتب والأجور والإعانات والخدمات الطبية والتعليمية المجانية والإسكان شبه المجاني، ولا يمكن أن يكون هناك كويتي لا يتمتع بمداخيل، مباشرة أو غير مباشرة، يعود أصلها للخزينة العامة للدولة··· هذا الواقع أكد الاعتماد الكبير للمواطنين على الدولة بشكل رئيسي مما أوجد طبقة سياسية في البلاد يهمها حماية هذا الواقع الاقتصادي وتكريس هذا النظام الريعي دون تغيير، وإذا عدنا للواقع الديمغرافي فإننا نجد نموا سريعا في أعداد المواطنين، بالرغم من أن نسبتهم لا تتجاوز خمسة وثلاثين في المئة من إجمالي السكان··· ويصل معدل النمو السكاني بين المواطنين الى 3.2 في المئة ولا شك أن هذا المعدل يعبر عن حال من التخلف الاجتماعي الذي يفضل زيادة أعداد الأبناء وبحيث لا يقل عددهم عن خمسة في الوقت الذي تنخفض فيه معدلات الإنجاب في مختلف بلدان العالم المتطورة منها أو النامية··· وهنا يجب أن نبين أن عمليات التجنيس التي جرت خلال المرحلة التالية للاستقلال، وفي عقد الستينات تحديدا، أدت الى ارتفاع أعداد المواطنين غير المتعلمين والذين تعودوا على القيم التقليدية ذات الصفات الريفية أو غير الحضرية··· كما أدت فلسفة الرعاية الاجتماعية المكلفة والتي تبنتها الحكومة في الكويت الى تشجيع هذه المظاهر الديمغرافية··· يضاف الى ما سبق ذكره أن نظام التعليم في الكويت والذي بدأت مظاهر التراجع تتضح في جوانبه المتعددة المتمثلة بالمناهج وأساليب التعليم والهيئات التدريسية، ومنذ منتصف الستينات من القرن العشرين قد كرست قيم التخلف والفكر الرجعي مما زاد من أعداد المتزمتين فكريا وعقائديا··· ولا ريب أن أساليب التلقين وعدم تشجيع أساليب المناقشة والجدل الحر في بنية النظام التعليمي قد مكن القوى المحافظة في المؤسسة التعليمية من تطويع أجيال من الكويتيين للفكر المعادي للديمقراطية·

إن هذه الحقائق لا يمكن عزلها عن تطور الحياة السياسية في البلاد التي أنتجت مجتمعا تتمتع بحقوق دستورية واضحة ولكنه لا يعرف كيف يستفيد بها أو يمارسها بصورة مفيدة··· أيضا، يجب أن نشير الى التطورات والأحداث السياسية في البلدان العربية، المجاورة والبعيدة، قد أثرت على مسيرة الديمقراطية في الكويت، هناك الكثير من الكويتيين الذين اعتنقوا قيما فكرية تم استيرادها من البلدان العربية بشكل أو بآخر، مثل قيم الفكر القومي، خصوصا إبان الفترة الناصرية في مصر، أو قيم الأصولية الدينية والتي قدمت للكويت من مصر أو سورية بواسطة المعلمين أو غيرهم من المهنيين الذين أتوا من هناك، أو بواسطة الكويتيين الذين درسوا أو أقاموا في مصر تحديدا خلال الخمسينات أو الستينات من القرن العشرين، وغني عن البيان أن أيا من القيم القومية أو الأصولية لا تعير الفكر الديمقراطي أو الممارسة الديمقراطية أي اهتمام أو اعتبار، ولذلك فإن أي من المريدين القدامى والجدد لهذه الطروحات لن يكونوا من الديمقراطيين الذين يسعون لبناء مجتمع حر متواصل مع الحضارة الإنسانية المعاصرة·

الآن والكويت تعيش مرحلة ما بعد التحرير من الاحتلال العراقي ومرحلة ما بعد تحرير العراق من نظام صدام حسين الديكتاتوري تواجه تحديات سياسية مهمة قد تثقل على التطور الديمقراطي·· من المعلوم أن الكويت قد أسست علاقات وطيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية وبلدان أوروبا الغربية وغيرها من بلدان العالم بشكل مختلف عن الماضي ما بعد تحرير الكويت في عام 1991، وهذه العلاقة مع بلدان تعتمد على النظام الديمقراطي تفرض استحقاقات على البلاد لإصلاح نظامها السياسي ليزيد من جرعة الممارسة الديمقراطية··· بيد أن التحولات داخل البلاد تتعاكس مع مثل هذه التوجهات حيث ترفض فئات مجتمعية تأثرت بالفكر المحافظ والأصولي مبدأ حقوق المرأة السياسية وترفض إصلاح النظام التعليمي وتناهض عملية التغيير في البلدان العربية المجاورة، وليس أدل من ذلك معارضة أطراف كويتية للتغيير في العراق، وتتخوف هذه الأطراف من تكريس الديمقراطية هناك، وهي أطراف ربما تشعر بالريبة من التحولات المحتملة في العراق وغيرها من بلدان عربية ومجاورة الناتجة عن ديمقراطية حقيقية··· ويمكن أن أزعم بأن الحكومة في الكويت لم تمارس، حتى الآن، دورا أساسيا في عملية الإصلاح السياسي بالرغم من مطالبتها لتعديل قانون الانتخاب لمنح المرأة الحقوق السياسية الكاملة أو دعوتها لإصلاح النظام الاقتصادي ومناهج التعليم··· ما هو مطلوب هو تنفيذ مشاريع الإصلاح وليس الحديث عنها، وهذا التنفيذ هو الذي يعزز المسيرة الديمقراطية ويواجه القوى المحافظة أو المعادية للتغيير بأسلوب ديمقراطي وحازم··· كذلك فإن القوى المنادية بالتغيير والداعية للمزيد من المشاركة الشعبية وإنجاز إصلاحات حضارية لا تزال بعيدة عن تطوير مؤسساتها وتطوير رسالتها السياسية··· كل هذه الحقائق تمثل محنة للديمقراطية لا بد من مواجهتها والتعرف على السبل الكفيلة لتجاوزها من أجل مستقبل أفضل!

tameemi@taleea.com

�����
   

أنثروبولوجيا الكويت!!:
سعاد المعجل
مرور 40 عاما على تأسيس الحركة النقابية الكويتية:
المحامي نايف بدر العتيبي
البديل الديمقراطي:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
الظلاميون في أسوأ حالاتهم:
محمد بو شهري
4000 دعوة غير شرعية للجنس يوميا في الكويت:
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
إحساس عجيب!:
فهد راشد المطيري
محنة الديمقراطية الكويتية!:
عامر ذياب التميمي
الإصلاح إصلاح البيت:
صلاح مضف المضف
حضن دار الطفولة ولا حضن والديه
نداء الى جمعيتي الطفولة وحقوق الإنسان:
د. محمد حسين اليوسفي
"اكسروا الصمت"(2-2):
عبدالله عيسى الموسوي
حكومات أفضل من محكومين:
أحمد المهنا
ثقافة التسامح.. أم تسامح الثقافة؟:
دبي الحربي
استدراج من أجل العمولة:
عبدالخالق ملا جمعة
الفساد في طابور القوانين:
عبدالحميد علي
نهر الوزاني وبطولة حزب الله:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
كوبا بين التكيف والانهيار:
رضي السماك