| لا أقصد الإطلاق أو التعميم الفج في إصدار الأحكام والتوصيفات على الجماهير والنخب العربية، ففي التعميم حيد عن الإنصاف، لكن يبدو لي أن أحداث العراق واندفاع جماهير الشعارات التي تغذت بمفاهيم وبمفردات الكراهية للأجنبي "بمباركة التيارات القومية والإسلامية" أماطت اللثام عن حقيقة لم يألفها العقل العربي·
الحقيقة التي برهنت عليها أحداث العراق تظهر أن الحكومات العربية التي تقمصها الركود والجمود والتفكير الرجعي بدت أكثر نضجا ورشدا في تعاملها مع العراق وشعبه من المحكومين أنفسهم·· الحكومات العربية "باستثناء الخائفين" أبدت في مؤتمر شرم الشيخ تفاعلا مع المسار الديمقراطي للعراق والعمل على استتباب الأمن والقضاء على بؤر الإرهاب فيما راحت جماهير الشعارات تضرب طبول الحرب وترمي الحطب في نار الفتنة الطائفية وتحرك رحى القتل والدمار·
والحديث هنا لا يقتصر على الجماهير بل يطال حتما وبالأولى النخب العربية هنا والمتمسحين بمسوح الثقافة والعلم، إذ سقطت رؤوس هذه النخب على نطع العراق وعرف العراقيون أصدقاءهم وعرف أولو الألباب أن النخب وجماهير الشعارات أولى بالسقوط من الحكومات·
قلنا إن الحديث حول هذه الحقيقة غير مألوف لأن اللسان العربي ومن خلال الفضائيات تعود أن يقلب ظهر المجن على الحكومات ويحملها كليا تبعيات التخلف والانحسار وإن كان في هذا الكثير من الحق لكن الحق كله على المحكومين والمسيسين·
مؤتمر شرم الشيخ نموذج على قراءة دولية وعربية واقعية وعقلانية لعالم أفضل مع عراق ديمقراطي ينعم هو وجيرانه بالرخاء والأمان وتبقى إلى جانبه نماذج لحكومات فاعلة طامحة تخلو من برلمانات لا تفهم إلا لغة العراقيل واستعراض العضلات ودغدغة مشاعر المغررين·
وأحرى بالعاقل الحصيف أن تكون له عين على المحكومين قبل الحاكمين والأولى أن تكون له عين الصقر على النخب المثقفة· |
