"مشكلتكم إنكم عيال فقارى" بهذه الجملة بدأ حديثه معي متهكما ومعلقا على مقالات عدة كتبناها في أعداد متتالية من صحيفة "الطليعة" عن معاناة المواطنين بالعموم من سلطة البنوك على المال والقرار، ولأنني لا أستنكف من هذا التعبير والغمز الصريح فإنني أشير الى أن المتضرر ليس فقط البسطاء من الناس بل حتى الميسورين، من هذا العبث بأموال الناس والتكتيكات ذات الصفة الاستدراجية والتمويهية على الزبائن حتى يقعوا بفخ التوقيع على العقود المختلفة، قروضا كانت أم عضوية بطاقات ائتمان وغيرها من منتجات، فالموظف أو الموظفة تقوم بدورها على أكمل وجه في سبيل إقناع الزبائن بالخدمات المختلفة، ولكي ينجحا في مهمتهما الاستدراجية، فلا بد من عدم توضيح كل المعلومات بدقة وطرح مزيد من الإغراءات حتى لا يتردد العميل بل يتشجع من أجل ابتلاع الطعم، ويصل الأمر الى "الكذب" أحيانا حتى يتم توقيعه على المعاملة التي لهما نصيب منها "عمولة عن كل ملف" بحسب تعليمات مجلس الإدارة، ولا يكتشف العميل مثل هذه التحايلات إلا بعدما تقع الفأس بالرأس·
وكما قلنا في أكثر من مرة فإنه عند الاستفسار الكل "يلحس كلامه" من الموظفين الى مديري الفروع الى أكبر رأس في مجلس الإدارة ويتم إلصاق كل الأخطاء على العميل الذي تكون التهمة جاهزة بحقه بأنه "اشتبه بالفهم"! وعندما استغفلوه قالوا له القانون لا يحمي المغفلين·
ولأننا ما زلنا ننتظر ويبدو أن انتظارنا سيطول ليله،، من سماحة البنك المركزي تحركا ملموسا ومراقبة فعالة واستقبال الضحايا من ممارسات عدة فيها شبهة "الابتزاز" و"الاستغفال" وأن تتوقف إدارة الرقابة المصرفية عن تبريرها بأنها فتحت المجال للتنافس بين البنوك لاستقطاب العملاء، إن مثل هذا التبرير المضحك المبكي يكون منطقيا في حال نحن مجموعة "الضحايا" بإمكاننا الهروب من بنك الى بنك آخر يتميز عنه ولكن الطامة أن رواتبنا وارتباطاتنا استحكمت وعليها "لوك" من جميع الجهات، والبنك المباشر يعرف ذلك بحكم توافر المعلومات لديه فهو يعلم جيدا أن هذه الأمور سيوافق عليها العميل مجبرا، والأمر الآخر أن مجالس إدارات البنوك "ما شاء الله عليها" اتفقت ضمنا على هذا النوع من "الابتزاز المقنن" فمن أين يأتي التفكير لدى العميل بتغيير البنك فالكل بالهوى سوى!
رشفة أخيرة:
إنك أقنعت لـو خاطبت عقلا
لكن الهوى يـمــــلأ الألبابا
ما ضر قوم ابتلعوا حـراما
أن يحولوا زكاتهم أعنابا
mullajuma@taleea.com
|