اللجنة العربية - الأمريكية لمكافحة التمييز تتبوأ اليوم طليعة المنظمات المدنية والحقوقية العربية في الدفاع عن حقوق العرب المدنية والسياسية والإنسانية ويصل عدد أعضائها إلى نحو 40 ألفا ولها نحو 80 فرعا على امتداد الولايات المتحدة، ويعد السناتور السابق جيمس أبورزق “من أصل لبناني” الأب الروحي المؤسس للجنة·
تعرضت اللجنة عام 1985 بسبب دفاعها العنيد عن حقوق الأمريكيين العرب للهجوم بالقنابل في واشنطن وبوسطن ولوس أنجلوس من تدبير عناصر يهودية عنصرية، وفي الهجوم على المقر الأخير ثبت تورط اثنين أحدهما انتحر في السجن بعد القبض عليه، والآخر فر بسهولة مفضوحة إلى إسرائيل حيث يعيش الآن في إحدى مستوطنات الضفة، ومازالت تطالب باستعادته ليمثل أمام العدالة·
في مقر اللجنة بواشنطن العاصمة كان لي لقاء حواري مطوّل مع الناطقة الإعلامية ليلى القطامي تبعه لقاء قصير آخر مع رئيسة اللجنة ماري روز عوكر “أستاذة جامعية سابقة وعضو سابق في مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي”·
ثمة شعور غريب راودني للوهلة الأولى حينما استقبلتنا ليلى في مكتبها - أنا ومرافقي الأخ عمرو أبو العيون - بأن سحنتها السمراء الفاتحة تشير إلى أنها خليجية وبالفعل ما إن تعرفت عليها حتى أفادت بأن والدها ينحدر من عائلة “القطامي” الكويتية والمعروف أبناؤها بالعلم والنشاط السياسي الوطني لعل أشهرهم الناشط البارز في مجال حقوق الإنسان جاسم القطامي رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان التي ذكرت - إن لم تخني الذاكرة - بأنه عمها·
وقد ولدت ليلى التي تتحدث الإنجليزية فقط في الولايات المتحدة وترعرعت وبقيت فيها رغم أن والدها موجود الآن في وطنه الكويت ولم أشأ أثناء حواري معها أن أستفسر عن سبب ذلك أو أن أخوض في تفاصيل حياتها الشخصية·· لكن ما خرجت به من انطباع في حواري معها أنها شخصية نسائية مثقفة تثقيفا عاليا تمتاز بالجدية والهدوء والاتزان وتتمتع بالذكاء والوعي السياسي والإلمام الرفيع بمجال عملها·
وفي هذا الحوار الذي تشعب إلى قضايا عديدة حول الدور المهم الذي تقوم به اللجنة في مجال الدفاع عن حقوق العرب المدنية والإنسانية ورفع أي ظلامية أو أي تمييز يقع عليهم في المجتمع الأمريكي، حكت لي ليلى قصصا وأمثلة كثيرة للنضال الحقوقي الصعب الذي تخوضه اللجنة في ظروف قانونية ودستورية واجتماعية تتسم بالتعقيد وتحتاج إلى الصبر والبراعة والذكاء في كيفية التسلح بما هو صالح من تلك القوانين لمكافحة تلك الانتهاكات جنبا إلى جنب مع العمل مع كل القوى الديمقراطية والحقوقية الأمريكية لمحاربة القوانين المنافية لحقوق الإنسان والمتعارضة جوهرا مع روح الدستور الأمريكي·
وشرحت القطامي دور اللجنة في التصدي لحالات جرائم الكراهية ضد العرب والتمييز في التوظيف التي ازدادت بعد أحداث سبتمبر 2001، من ذلك دعم اللجنة للدعوى التي رفعها بسام يوسف الموظف الأمريكي من أصل عربي في الـ “إف· بي· أي” والمعروف بكفاءته العالية في اختبارات جهاز كشف الكذب حيث رقي بدلا منه رجل آخر أقل كفاءة·· (ولك أن تتأمل هنا جيدا في هذه الحكاية المضحكة: مكتب التحقيقات الفيدرالي أحد الأجهزة الاستخباراتية المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان هو نفسه يمارس هذه الانتهاكات داخل بيته بحق جندي من جنوده!)·
ومما له مغزاه أن قيادات اللجنة العربية الأمريكية لمكافحة التمييز وبالرغم من أن معظمهم إن لم يكن كلهم “علمانيون” إلا أنهم خاضوا نضالا نزيها متجردا ضد حالات فصل الموظفات العربيات بسبب “الحجاب” كما تقوم اللجنة بالتشهير بمختلف حالات الانتهاكات في وسائل الإعلام الأمريكي، وتقوم بمساعدة رجال الشرطة الجدد في توعيتهم بثقافات العرب الشعبية ودياناتهم والحاجة إلى مراعاة مساواتهم بسائر المواطنين الأمريكيين كما تقوم اللجنة بالتعاون والتنسيق مع مختلف المنظمات المدنية المشابهة لأهدافها·
كانت حكاية قيام رجال الشرطة أواخر السبعينات بالتنكر في زي عربي للكشف عن تورط بعض أعضاء الكونغرس في قبول رشاوى أجنبية هي الحكاية التي أثارت جيمس أبورزق وحفزته لتأسيس اللجنة وقد كسب قضائيا تلك القضية باعتبارها تسيء إلى سمعة العرب من خلال تصويرهم نمطيا كقوم مرتشين، والعضوية في اللجنة مفتوحة لجميع الأمريكيين من مختلف الأجناس·
ü كاتب بحريني |