أولا يسرنا أن نهنئ دولة الكويت الشقيقة أميرا وحكومة وشعبا بأعيادها المجيدة: العيد الوطني وعيد التحرير وبهذه المناسبة السعيدة لا بد لنا أن نؤكد حقائق ودروسا وآفاقا ينبغي استلهامها في الحاضر والمستقبل:
الحقيقة الأولى: صمود الشعب الكويتي وتجلي هذا الصمود بأشكال ومضامين متنوعة كالمقاومة والرفض المطلق للاحتلال الذي لم يجد أحدا يتعاون معه بملء إرادته بمن فيهم المحسوبين عليه تنظيميا وأيديولوجيا·
الحقيقة الثانية: تأكيد التزامه وتمسكه ووقوفه وراء قيادته السياسية الشرعية·
الحقيقة الثالثة: من خلال ذلك الصمود وذلك الالتزام والتمسك استطاع أن يستقطب معظم دول العالم الى قضيته العادلة والمشاركة الفعلية في عملية التحرير بتحالف إقليمي ودولي واسع·
الحقيقة الرابعة: استطاعت دولة الكويت أن تحقق ما عجزت عن تحقيقه طيلة عقود طويلة وهي أن تثبت حقوقها الشرعية في قرارات دولية لا يمكن لأي سلطة أخرى أن تتلاعب بها أو تحاول العبث بها والتنصل منها·
الحقيقة الخامسة: استطاعت الدبلوماسية الكويتية بحراكها المستمر واستخدام كامل موروثها الإقليمي والدولي أن تكون في قلب الحدث وإحدى عوامله الفاعلة والمؤثرة بفضل قيادة سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي يحظى باحترام وتقدير خاص وشهرة معروفة ومميزة من لدن كل الساسة والدبلوماسيين وقد استخدمت الدبلوماسية الكويتية أقصى وأحسن ما تملك من خبرات ومهارات وعلاقات·
إن مجموع تلك الحقائق وغيرها أدت في النهاية الى تحرير الكويت وهزيمة العصابات الصدامية التي ارتكبت شتى أنواع التعذيب والقتل وهتك الأعراض ومصادرة الممتلكات·
أما الدروس فهي:
1 - فشل ثقافة وسياسة الغزو والغدر والاحتلال مرة أخرى بعد فشل واندحار تجربة النازية والفاشية·
2 - إن الأنظمة الدكتاتورية الشمولية لا تشكل خطرا على شعوبها وبلدانها فقط، إنما على الدول والشعوب المجاورة والعالم بأسره كونها أنظمة غير شرعية وتقوم سياستها على العدوان والتوسع والمغامرات الطائشة المدمرة·
3 - للمرة الثانية بعد قيام التحالف الدولي بإسقاط النازية والفاشية في الحرب العالمية الثانية قام التحالف الدولي ذاته مضافا إليه بعض الدول العربية بتحرير دولة الكويت مما عزز ورسخ مبدأ الدفاع الدولي ضد أي طرف يحاول تهديد أمن وسلامة الجماعة البشرية وشرعية الأسرة الدولية ومبادئ القانون الدولي·
4 - صمود الشعوب ورفضها المساس بسيادتها واستقلالها الوطني ومقاومتها كان من العوامل الأساسية في عملية التحرير·
أما الآفاق فهي:
أولا: إن إسقاط نظام صدام وقيام حكومة دستورية تستمد شرعيتها من الشعب العراقي هي الضمانة الكبرى لاستقرار وأمان وانتعاش ورخاء العراق ليكون عامل سلام وبناء في العراق والمنطقة والعالم ودول الجوار وبخاصة دولة الكويت التي كانت إحدى ضحايا ذلك النظام البائد·
ثانيا: نحن متفائلون جدا بأن العلاقات المستقبلية بين العراق والكويت ستكون ثابتة وراسخة ونموذجا للعلاقات بين الدول يسودها السلام والتعاون والمصالح المشتركة والمتكافئة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام كل القرارات الدولية ذات الصلة بعد إسقاط نظام المقابر الجماعية كما وصفه الشيخ الدكتور محمد الصباح وزير الخارجية كأحسن وصف وأن قطار التطبيع بين البلدين بدأ يسير على السكة منذ فجر التاسع من أبريل 2003 ولن تستطيع أي قوة أو فعالية لا يسعدها ذلك إيقافه لأنه لا خيار أمام البلدين إلا التطبيع بعدما أرست الكويت قواعد وأسسا لهذا التطبيع عبر مساهمتها الكبرى في عملية تحريرنا ودعمها المستمر لشعبنا قبل وبعد التحرير أيضا، وما زالت مساعداتها تتدفق على بلادنا إضافة لدعمها السياسي والدبلوماسي ولا خيار لنا إلا التطبيع الشامل وهو ما نرى ونلمس وقائعه ومعطياته في تواتر وتزاحم وحركة لا نظير لها بإذن الله تعالى·
hamid@taleea.com |