عندما نتدبر المقولة الشهيرة التي تؤكد أن يوم عاشوراء هو يوم انتصار الدم على السيف، نجد أن هذه المقولة تحققت تاريخيا مرات متعاقبة متتالية، وتحققت جغرافيا في بقاع مختلفة متباينة، كما أنها أضحت اليوم أنموذجا ساطعا سطوع نور الحقيقة، يتمثّل به أحرار العالم، وإن لم يكونوا مسلمين·
الحسين عليه السلام الذي خرج آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، لا يمكننا أن نحاربه بادعاء كاذب يزعم أن أمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر، كان مؤطرا بإطار زمني ينتهي في عام 61 هـ، أو بنطاق مكاني ضيق لا يتعدى أسوار كربلاء، التي أضحت بطهارة دمه مقدسة مبجلة، كما أنه يصعب تأطير نهضته عليه السلام بالإطار الإسلامي العام فقط، بل هو ملك للبشرية بكل أطيافها الفكرية والنهجية·· ألم يقل عنه غاندي: “لقد تعلمت من الحسين بن علي كيف أكون مظلوما فأنتصر”؟ ألم يحرر بلادا مترامية الأطراف مثل الهند من قبضة الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس بفضل استفادته، التي أقر هو بها، من أفكار هذه النهضة الإنسانية التحررية العظيمة التي قام بها سيد شباب أهل الجنة عليه السلام؟
الحسين بن علي عليهما السلام انتصر في إيران على ملك زعم أنه ملك الملوك، فهز الشعبُ الإيراني عرش ذلك الظالم حتى أسقطه ذليلا على الأرض عام 1979م في ثورة مليونية خرجت باسمه عليه السلام، ودافعت عن شخصه وعن نهجه، كما حرّكت الدماء العاشورائية الطاهرة الشعب العربي في لبنان المقاوم للمحتلين الذين احتلوا شرف العالم العربي، وليس أرضه هناك، بجيشهم الذي يزعم “الواقعيون الجدد أبناء المحافظين الواشنطنيين الجدد!!” أنه الجيش الذي لا يُقهر، بيد أن ذلك الجيش عندما ووجه بالواقعية التي دعا لها سيد الشهداء عليه السلام·· قُهر حتى مرحلة عض أصابع الذات قهرا!!
السلام على الحسين، وعلى أصحاب الحسين، وعلى أنوار الحسين، وعلى نهج الحسين، وعلى واقعية الحسين التي حررت بلاد المظلومين العرب المسلمين، والعرب غير المسلمين، والأجانب غير المسلمين·· ورحمة الله وبركاته·
drjr@taleea.com |