يستعد الأساتذة والطلبة في جامعة الكويت ومع كل موسم جامعي جديد لتلقي صفعة جديدة بسبب الفوضى التي خيمت على الأجواء الجامعية خاصة في مرحلة ما بعد الغزو، ولا نستثني من ذلك الموسم الجامعي الحالي حيث أصيب الأساتذة والطلبة بالذهول في كلية العلوم الإدارية بسبب مخطط الجامعة التوسعي المتمثل ببناء شبرات جامعية لتستخدم كفصول دراسية·
وعلى الرغم من أن الحديث عن الجامعة ومشاكلها هو أقرب لحوار الطرشان، حيث لا أحد يصغي أبدا لكل ما قيل ويقال عن جامعة الكويت، إلا أنني لم أتمالك نفسي من الكتابة مجددا حول المهازل في الجامعة لعلي أريح عن صدري بعضا من الحزن الذي يعاودني في كل موسم جامعي جديد!!
بداية الصدمة لهذا الموسم كانت في الشبرات الجامعية في الشويخ التي استضافت أساتذة وطلبة العلوم الإدارية، هذه الكلية التي لم يبلغ عمرها العامين بعد أصبحت تعاني نقصا في الفصول الدراسية، فجاء الحل في شبرات بدائية كان منظرها شاذا وسط غابات من الإسمنت والرخام لمبان جامعية بعضها أصبح جاهزا للاستخدام ككلية العلوم الإدارية، وبعضها الآخر تملؤه الأتربة والقطط بعد توقف العمل فيه ككلية العلوم الاجتماعية، وقد كان نصيب المحظوظين مقارنة بسيئي الحظ من طلبة وأساتذة أن خصصت لهم كلية العلوم الإدارية كحل لنقص الفصول الدراسية خصصت بعض مباني الشويخ القديمة لذلك الغرض وبعد أن تم تجهيزها بصورة مرتجلة، وتزويدها بالكراسي الرديئة والتي كانت من ضمن التجهيزات الجامعية المشبوهة، حيث تم استيرادها لكلية العلوم الإدارية ثم تم إخفاؤها أو التخلص منها بعد أن اتضحت رداءتها، فاستعانت الجامعة بكراسي العلوم الإدارية القديمة بعد أن لونتها بعض الشيء للتمويه·
أما أم المهازل الجامعية فقد جاءت مع بداية الفصل الدراسي الحالي حين أعلنت الجامعة عجزها عن توفير الكتب المقررة بسبب شح في الميزانية، وعملية توفير الكتب تبدأ أولا من القسم العلمي المختص، حيث يتم إخطار مكتبة الطالب بالكتب المقررة للفصل المقبل، وتقوم المكتبة بمراسلة دور النشر، لكن هذه العملية - على ما يبدو - لا تتم بصورة مهنية حيث يدخل على الصورة أكثر من وسيط، وذلك قبل أن تصل العملية الى محطتها الأخيرة في مكتبة الطالب، ولعل ما حدث أخيرا مع وحدة اللغة الإنجليزية في كلية العلوم الإدارية ما يؤكد ذلك، حيث اتصلت وحدة اللغة بالناشر مباشرة لتستفسر عن سبب تأخر الكتب الدراسية فأذهلتها الإجابة، حين قال الناشر بأنه لم يتلق أي طلبية كتب·
تأخر الكتب الدراسية لم يكن أمرا غريبا فقد اعتادت عليه الأقسام العلمية، لكن الأمر الغريب هنا أن تعلل الجامعة ذلك لأسباب مالية، فميزانية شراء الكتب الجامعية تقارب نصف مليون دينار حاليا وهو مبلغ يرى المسؤولون عن عملية الشراء أنه لا يكفي لإتمام العملية بصورة جيدة، حيث يطالب هؤلاء بتعزيز ميزانية شراء الكتب وليتفاجؤوا بأن الجامعة قامت بتقليص المبالغ المخصصة للكتب بدلا من تعزيزها·
هنالك ولا شك خلل في مكان ما جعل الجامعة تستنزف 50 مليون دينار لبناء كلية العلوم الإدارية التي بدأت وفي أقل من عامين تعلن عن عجزها عن استيعاب طلبتها حتى بعد أن حولت كل الغرف - الصالح منها وغير الصالح - الى قاعات دراسية بينما تعجز الجامعة نفسها عن تعزيز ميزانية الكتب الدراسية والتي تشكل أحد أضلاع مثلث العملية التعليمية·
إن المبنى الجامعي المتكامل كان حلما جميلا طالما راود الأساتذة والطلبة ليصحو الجميع منه على كوابيس بعضها جاء في شبرات دراسية وبعضها الآخر جاء في عجز عن توفير الكتب الدراسية ولتبقى مباني الجامعة الرخامية في كلية العلوم الإدارية شاهدا على خلل في الرؤية والتخطيط·
suad.m@taleea.com |