يمكن للكثير منّا بذل الكثير من الجهد والاستمرار في كتابه الكثير من المقالات لنقد الآخر سواء كان إسلاميا أو ليبراليا· ولكن لا نلاحظ الكثير من الكتابات التي يتم فيها مناقشة ما هو مشترك ومتفق عليه بشكل جماعي بين التيارين الليبرالي و الإسلامي· التشنّج واستعمال المشاعر في نقدنا وحكمنا على الآخر يقودنا في بعض الأحيان لعدم إعطاء الفرصة للطرف الآخر للردّ على ما وجّهناه إليه من نقد سابق ويمنعنا في بعض الأحيان من رؤية ما هو مشترك بيننا وبينه· لا بل إن الكثير مما يثار حول "سيئات" الآخر ينتج في بعض الأحيان من تصورات لم نتأكد من حقيقتها أساسا أو أنها نتجت عن طريق ردود فعل عاطفية في المحل الأول ولا تعكس حقيقة الصورة الواقعية للطرف الآخر· هذا لا يعني أنه لا توجد خلافات سياسية وفكرية بين التيارين السياسيين الليبرالي والإسلامي، ولكن هناك أيضا جوانب سياسية وفكرية واجتماعية نتشارك الرؤية حولها· هذه القواسم المشتركة بين الليبرالي والإسلامي-السياسي تشجّعنا للدعوة على قيام ترتيب مؤتمر محلي شامل يطوّر الحوار المحلي المشترك وينتج، على أقل تقدير، قواعد سياسية وفكرية يمكن للجميع الانطلاق منها لمزيد من التفاهم وربّما التعاون "الفعلي"· فالجوانب السياسية التي نتشارك فيها هي انتماؤنا لهذا الوطن العزيز على قلوبنا جميعا والذي ووفّرت لنا فيه سبل العيش الكريم لكي نتمتع بممارسة حريّاتنا الشخصية وننقد التوجه السياسي للطرف الآخر دون خوف أو قلق حول ما سوف يحدث لنا في المستقبل· لا بل إنّ الانتماء الفكري لأحد هذين التيارين السياسيين ينبع من انتمائنا لنظام سياسي واحد واكب في تطوره وقبوله الرأي المعارض لما حدث في ديمقراطيات حديثة كثيرة عبر العصور المتتالية· فالليبرالي والإسلامي-السياسي يتمتّعون بما يتمتّعون به من حرية التعبير الحالية لأنّهم يملكون الموروث السياسي نفسه الذي تطور (ولا يزال يتطور) عبر العقود السابقة· الموروث الفكري الذي نتشارك فيه جميعا هو انتماؤنا لثقافة عربية وإسلامية واحدة شاملة· و مهما اختلفت آراؤنا ومعتقداتنا الفكرية، فنحن نعيش في مجتمع عربي إسلامي يحوي الكثير من التوجهات الفكرية والتي يجب أن تتاح لها الفرصة للنمو إذا ما هي لم تهدد الوحدة الوطنية· وأما الجوانب الاجتماعية التي نشترك فيها هي انتماؤنا للمجتمع الكويتي المتميز باحتوائه على شرائح اجتماعية تصطبغ بالهوية الكويتية والتراث والحاضر الكويتي· هذه بعض من الجوانب التي نتشارك فيها وليس مجملها أو كلّها ولكن جلبنا أمثلة من المحيط العام منها لكي نوّضح أن هناك العديد والكثير من الفرص لكي نستخدم هذه المشتركات لكي نبدأ حوارا وطنيا يعقد تحت رعاية جهة محايدة· فبأي صفة أو طريقة يتم فيها هذا الحوار يمكن أن يكون اللبنة الأولى لبدء حوار شامل بنّاء يبرز ما تستطيع هذه الاتجاهات السياسية المختلفة عمله لتقديم حلول للكثير من المشاكل التي يعاني منها المواطنون ولتقوية وتعزيز التواصل الوطني·
الأمل لا يزال موجودا لعقد هذا الحوار الوطني بين التيارين الليبرالي والإسلامي - السياسي فلقد سئم الكثير منّا (ليبراليين وإسلاميين) تكرار أنفسنا عن طريق إعادة أسطوانة النقد ذاتها التي لن تنفع كثيرا إن نحن لم نتح الفرصة لأنفسنا لتفّهم الآخر من دون تشنج·
ملاحظة ورد: نشكر السيد علي عوض الذايدي لردّه على مقالنا السابق بعنوان "المسابقة الثقافية للجمعية التعاونية، ليوان الوزارة، آينشتاين و أمور أخرى" ونود أن نوّضح أنّنا لم نشر بتاتا في المقال المذكور إلى جمعية معيّنة بذاتها ولكنّ كنّا نعلّق على هذا الموضوع بشكل عام· نشجّع الجمعيّات التعاونية الأخرى على اتبّاع جمعية الجهراء في تنظيمها لتلك المسابقات لأنها، حسب كلام القارئ "لم تنظمها أي جمعية تعاونية أخرى من الجمعيات الـ 44 المنتشرة في الكويت فهي الوحيدة وللسنة الثانية على التوالي"· شكرا جزيلا·
kaaljen@taleea.com |