مساهمة العرب في إعمار العراق كانت ضئيلة بكل المقاييس· ففي المؤتمر الدولي الذي عقد في مدريد أخيرا، وعدت الكويت بمنح العراق 500 مليون دولار نقداً فضلاً عن تلك المبالغ التي صرفتها منذ حرب العراق والبالغة مليار دولار تقريباً، أما المملكة العربية السعودية فقد قررت منح العراق مليار دولار نصفها بضائع من شركات سعودية، ووعد الإمارات تمثل في 215 مليون دولار ستخصصها للمساعدات الإنسانية، أما الدول العربية الأخرى فلم نسمع لها صوتاً وبعضها دول غنية ونفطية!! فلم نسمع عن أعطيات لدولة قطر النفطية الثرية ذات الكثافة السكانية القليلة، أو عن منح ليبيا، التي ربما لم تحضر إلى المؤتمر أصلاً!! وفاقت ما جادت به إيران (ولنكن أكثر دقة ما وعدت أن تجود به شأن الآخرين)، أقول، فاقت ما وعدت به بعض الدول العربية المانحة، وهي دولة المفروض لها "ثار مع العراق"!! فقد وعدت بـ 300 مليون دولار وبفتح موانئها لتصدير النفط العراقي فضلاً عن تزويد العراق بالكهرباء!! أما اليابان، التي لا تمت إلى العروبة والإسلام بأدنى صلة، فإن كرمها فاق الجميع سوى أمريكا، إذ وعدت بخمسة مليارات دولار!!
أظن يحق للعراقيين وإخوانهم الغيارى على مستقبل العراق أن يتساءلوا عن دور أشقائهم العرب وبالذات الذين لم يجودوا بشيء وبعضهم من المزايدين على عروبة العراق، فالكل باستطاعته مد يد العون الآن، حتى تلك الدول العربية المدرجة في قائمة الدول الفقيرة· ألا تستطيع هذه الدول مثلاً أن تمد العراق بمساعدات إنسانية من قبيل الأطباء والممرضين، أو أدوات مدرسية؟؟ إن بعض هذه الدول كالأردن كانت وما زالت لها تجارة رائجة مع العراق واستفادت من أيام الحصار وبعد ذلك من هروب بعض الرساميل العراقية لها، ألا تستطيع مثل هذه الدول وغيرها المساهمة ولو قليلاً في التخفيف من معاناة أشقائهم في العراق؟؟
ولو افترضنا أن حجة الممتنعين من الدول العربية وبالذات الغنية منها أنها لا تريد أن تساعد العراق لأنه محتل وهي لا تريد أن توطد الاحتلال وتقوي أركانه، ألا تستطيع هذه الدول أن تساعد الشعب العراقي مباشرة ببناء المؤسسات الخدمية والخيرية وغيرها، التي يعود نفعها على الشعب العراقي مباشرة ؟؟
أظن لا حجة لأولئك الذين لم يمدوا يد المساعدة لإخوانهم في وقت الضيق والعسر وسيتذكر الشعب العراقي من وقف معه بإخلاص قولاً وعملاً، ومن كان يتخذ من مأساة "أطفال العراق" شعاراً "يطنطن" به عبر فضائياته!! |