أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطابه الموجه للمؤتمر الإسلامي الأخير والذي عقد في ماليزيا، الى استعداد روسيا لوضع إمكاناتها الاقتصادية والتكنولوجية للمحافظة على الاستقرار العالمي ملمحا في الوقت نفسه الى إمكانية استغلال هذه الإمكانات لفتح مصادر استثمار جديدة بالتعاون مع دول المنظمة (انظر خطاب الرئيس بوتين)، بمعنى آخر، لقد دعا الرئيس الروسي الدول الإسلامية للبدء في بناء علاقات سياسية واقتصادية جديدة مع روسيا عن طريق الاستثمار في السوق الروسي·
تنبع أهمية استمرار الدول الإسلامية في تأهيل علاقاتها السياسية مع روسيا من تلازم عملية التأهيل هذه بحاجة السوق الروسي للاستثمارات الخارجية لسد فجوة اعتماد هذا السوق شبه الكاملة على أسعار سوق النفط العالمية حاليا ورغبة روسيا على ما يبدو في توسيع نطاق استثمارات سوقها ليشمل استغلالا مستقبليا أكثر عملية لمصادرها الطبيعية كالنفط ومشتقاته، الغاز الطبيعي والأخشاب ومشتقاتها، ويشير وضع السوق الروسي هذا الى وجود فرص كثيرة أمام الدول الإسلامية لسد هذه الفجوة عن طريق ضخ رأس المال الإسلامي فيها محققة في الوقت نفسه تقوية للعلاقات الاستراتيجية بين الكتلتين·
هناك إمكانية أيضا في أن مشاركة رؤوس الأموال الإسلامية في السوق الروسي سوف تؤدي الى تغيير استراتيجي إيجابي على الساحة الدولية من حيث زيادة الفرص أمام الدول الإسلامية في الحصول على خيارات استراتيجية أخرى بدلا من حصر علاقاتها الدولية في عالم بدأ يعيش عصر القوة الواحدة· فما تعاني منه الساحة الدولية حاليا من جمود سياسي ودبلوماسي بسبب اختفاء نظام القطبين biopolar system قد وضع الدول الإسلامية في وضع حرج جدا اختفت فيه مساحة المناورات السياسية لتلك الدول كما كان الوضع عليه أيام الاتحاد السوفييتي، في هذا الإطار لا نلمح هنا بتاتا لإمكانية "شراء" الدعم الروسي من قبل دول العالم الإسلامي، بل يجب أن ينظر لإعادة تأهيل العلاقة مع روسيا على أنها موضوع "شراكة" بحت يستفيد منه الطرفان اقتصاديا وسياسيا، لقد بدأ الروس الدعوة لإعادة تقوية العلاقات مع دول العالم الإسلامي منذ زمن طويل ولكن هذه الدعوة بدأت تصطبغ بالجدية الفعلية بعد اعتلاء الرئيس الروسي بوتين سدة الحكم في روسيا· ما ننتظره هنا هو بدء الدول الإسلامية بالخطوة التالية عن طريق الاستثمار الحقيقي في السوق الروسي عن طريق ضخ رأس المال الإسلامي فيها والبحث الحثيث عن الفرص المطروحة لتقوية وتطوير هذا الاستثمار الاقتصادي والذي بدوره يؤدي لتقوية وتعزيز الروابط الاستراتيجية والسياسية·
kaaljen@taleea.com |