|
كيف تريدون من نائب في البرلمان أن ينجح بعدد محدود من الأصوات - يستطيع معرفتهم والهيمنة على اتجاهاتهم التصويتية عبر نفوذه وتدخله ومنفعته لهم - أن يقوم بهدم هذا الوضع المناسب له والذي عن طريقة يصل إلى قبة البرلمان بكل سهولة إن لم يكن عن طريق الخدمات التي يقدمها لناخبي منطقته ومفاتيحها الانتخابية عبر دفع المال وشراء الذمم وفي النهاية يضمن كرسي المجلس، ويسترجع الأموال التي دفعها مضاعفة، هل يمكن أن يقدم مثل هذا النائب على الفعل ويوافق على تعديل نظام الدوائر الانتخابية، لا أعتقد ذلك·
فالتعديلات المقترحة من بعض الأعضاء الذين تستهويهم الفكرة تصب في اتجاه تقسيم المناطق حسب مصالحهم الانتخابية عبر ضم مناطق معينة مختارة بالتحديد لتكون ضمن دوائرهم الانتخابية حتى يضمنوا النجاح بنسب عالية تزيد عن نسبتهم في التقسيم الحالي، والاختلاف حول عدد الدوائر أيضا جزء من المشكلة التي لا يراد لها الحل بسبب اختلاف المصالح·
كما أن بعض النواب لا يريدون التعديل ويرفضون الفكرة من الأساس وهؤلاء لهم حساباتهم الخاصة أيضا وهم الذين سيخسرون إذا تم التعديل لأن الوضع القائم يناسبهم بشكل كبير فهم يصلون إلى القبة البرلمانية بمجرد نجاحهم في الانتخابات الفرعية أو التشاورية لافرق، فالبعض ممن يؤيدون اقتراح تعديل الدوائر الانتخابية يؤيدونها فقط من أجل خلق وضع أفضل لهم في ضم أصوات ناخبين جدد لهم يوالونهم قبليا أو طائفيا أو حزبيا، وبمعنى أن المصلحة الوطنية غائبة في أن تعديل الدوائر الانتخابية سيقضي على ظاهرة شراء الأصوات وسيخفف من وطأة الطائفية والقبلية وسيفرز نتائج إيجابية بالتأكيد أفضل من نتائج الدوائر الخمس والعشرين وسيساهم في تطور العمل البرلماني والمؤسساتي وتكون نتائجه لصالح الوطن والمواطن، وكل يغني على ليلاه وإن سارت الأمور على عكس ما يرغبون فإن وضع الدوائر الحالي هو الأفضل بالنسبة لهم فعلى الأقل عن طريقه وصلوا إلى قبة البرلمان ولو بمنافسة قوية أحيانا فهذا خير من فشل مؤكد يأتي به التعديل·
لكن تبقى المزايدة عبر إطلاق التصريحات وتقديم الاقتراحات غير القابلة للتطبيق هي سيدة الموقف مع علمهم بأن التعديل لن يأتي·
فالأمور يبدو أنها محسومة، وبالتالي ستصدر في الأيام المقبلة أراء تصب في خانة تأكيد التأجيل لمزيد من الدراسة أو ترك الموضوع حتى عام 2011 لعدم إمكانية التعديل في الوقت الحالي أي بعد ثماني سنوات وستطلق التبريرات والأسباب التي تدفع بهذا الاتجاه وتبقى مصلحة الوطن والمواطن في ذيل الأولويات ويبقى عدد قليل من النواب المخلصين صادقي النوايا المطالبين بالتعديل وحدهم في الساحة·
nayef@taleea.com
|
